وأن الحق واحد بذاته له تجل واحد في مجال متكثرة. وأن أوصافه ونعوته على نهج واحد وأفعاله وآثاره على سنة واحدة من جميع جهاته. و لن تجد لسنة الله تبديلا. لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه.
ومع هذا فإن المعرفة بكل شيء أفضل من الجهل به. وأنه ليس شيء من العلوم والمعارف خليقا بالجهل وإن كان الناس أعداء لما جهلوا..
وليعلم أن مقتضى العقل الصريح لا ينافي موجب الشرع الصحيح وليس شيء من الموجودات الإلهية والطبيعية إلا وله خاصية ذاتية ولوجوده حكمة عظيمة وسر غريب لا يوجد في غيره لكن الناس لا يتعجبون مما يتكرر مشاهدتهم إياه وأخذوا يتعجبون من النوادر وإن كان المتكرر أجل حكمة وأعظم أمرا وأعجب فعلا من النادر. ولذلك يحرك الإنسان في الجهات التي يخالف جهة حركته التي بحسب طبيعة بدنه بمجرد إرادة نفسه الناطقة التي هي جوهر ملكوتي من عالم الأمر [و] ليس معدودا عندهم من العجائب وصاروا يتعجبون من جذب حجر المغناطيس مثقالا من الحديد.
قال الشيخ في بعض رسائله: والعجب من بعض الجهلة من الطبيعيين ومن تشبه بهم حيث يأخذون في طلب السبب في فعل الطبيعة التي لبعض المركبات مثل الطبيعة التي للسقمونيا في إسهال الصفراء والأقيمون في إسهال السوداء والطبيعة التي في حجر مغناطيس الموجبة لجذب الحديد. ثم صاروا يتعجبون من صدور هذه الآثار والأفاعيل منها ولا يتعجبون من النار كيف تفرق المجتمع وكيف تحيل أجساما كثيرة إلى مثل طبيعته في ساعة. ولا يشتغلون بالبحث عن علته. وغاية ما يجيبون عنه إذا سئلوا عن ذلك أن يقولوا: لأن النار حارة. ثم السؤال لازم في أن الحار لم تفعل هكذا: فيكون منتهى الجواب للطبيعيين أن يقال: إن الحرارة قوة من شأنها أن تفعل هذا الفعل.
ثم إن سئلوا بعد هذا أنه لم كان هذا الجسم حارا دون البارد لم يكن جوابهم إلا الجواب الإلهي أن