الإبداعي الحركة المستديرة على الدوام وما سبب تعين موضع منه بالمنطقة والآخر بالقطب ولم كانت حركات الأجسام الإبداعية بعضها شرقية وبعضها غربية ولم كانت إحداهما وهي الحركة اليومية المنسوبة إلى فلك الأفلاك في غاية السرعة وواحدة أخرى وهي المنسوبة إلى فلك الكواكب في غاية البطء والبواقي متوسطة بين الغايتين مع اختلافهما في الجهة والقدر ولم كانت الطبائع الأول أربعا ولم كانت الأرض في غاية البعد عن الفلك والنار في غاية القرب منه ولم صارت الأرض كثيفة ذات لون غبراء والنار والهواء مشفان عديم اللون دائما مقتصدا ولم كانت العناصر محيطا بعضها ببعض إلا الماء فإنه لا يحيطه بجوانب الأرض وما السبب الطبيعي فيه الذي ينتهي إلى المبدإ الفاعلي وما السبب الحكمي فيه الذي ينتهي إلى المبدإ الغائي ولم كانت المسكونة من الأرض شمالا وربعا فيضيق عنه هذا الطور من البحث بل جميع الأوصاف والأعراض المختلفة المنتسبة إلى الأجسام الجوهرية وغيرها إذا فتش الإنسان عن سببها وسبب تخالفها ينتهي بحثه إلى أمور جوهرية صورية في الأجسام ومباد ذاتية لتلك الأوصاف والأعراض.
وأما إذا عاد الكلام إلى سبب اختلاف تلك الصور الجوهرية ولميتها فلا يكون هناك جواب للسؤال اللمي إلا الرجوع إلى إرادة الله وحكمته وأن الواجب لذاته كما أنه واجب الوجود بالذات بلا لمية وسبب كذلك واجب الوجود من جميع الحيثيات الأسمائية والصفاتية والأفعالية بلا لمية وتأثير سبب من خارج. بل الوجود من حيث هو وجود لا يتصور إلا أن يكون على ما هو عليه من غير تفاوت.
فكون الفلك فلكا والإنسان إنسانا والفرس فرسا مما لا سبب له إلا الحق الأول الذي يتحقق به كل حقيقة ويتعين به كل ماهية وبعلمه بذاته الذي هو مبدأ كل حكمة ونظام وخيرية وتمام وتجلي ذاته لذاته.
وإذا تجلى ذاته المستجمعة لجميع الكمالات والخيرات الذاتية لذاته تجلى لغيره وانبعث منه جميع الكمالات والخيرات فذاته بلا لمية خارجية سبب كل خير وكمال وحلية وجمال. فهيئة الوجود على هذا النظام المشاهد من مقتضيات مشاهدته لذاته وتجليه على ذاته بذاته.
فإن العالم عكس جماله وجلاله وحكاية حسنه وكماله