النهايات بحيث لم يكن وراءها صوب يمكن أن يتحرك إليه حتى يلزم أن يتحرك محدد الجهات إلى جهة فيكون الجهة لا جهة والحركة لا حركة وهذا ممتنع.
فذلك المحدد لزمه أن لا يختلف فيه الأبعاد والجهات بأن يكون بعض جوانبه أبعد من آخر وبعض امتداداته أطول من بعض حتى يكون ما فرض منه جهة الفوق الحقيقي تحتا بالإضافة. هذا.
فلا محالة يكون الجسم المحدد لازم الكروية مستحيل الانفكاك عنها وهو السماء.
فالحركة دلت من جهة المسافة على وجود السماء وتدل الحركة أيضا من جهة حدوثها الذاتية وتجددها على أن لها سببا ولسببها سببا وهكذا.
وهذا الأسباب معدات لا يتصور اجتماعها ولا يمكن وجودها إلا بحركة دورية يتصل آخرها بأولها ولا ينقطع دوامها.
والحركة الدورية الغير المنقطعة لا يتحقق الا في جسم يحتمل البقاء والدوام ويمتنع عليه العنصرية والانقلاب إلى جسم آخر لكمال صورته وتمام نوعيته وما ذلك الا السماء.
فدلت الحركة من هذا الوجه أيضا على وجود الجرم الابداعي وتدل الحركة أيضا من حيث عرضيتها على ان لها محلا ومن حيث حدوثها وتجددها على ان محلها ذو قوة انفعالية ومن حيث ثبوتها على أن لها فاعلا مؤثرا هو غير قابلها المتأثر المنفعل لاستحالة الوحدة في جهتي الانفعال والفعل.
فكل جسم متحرك لا بد له من مبدء غير الجسمية المشتركة بين الأجسام الساكنة والمتحركة.
فلو كانت ناشئة من جهة جسمية الجسم لا متنع السكون في الأجسام بوجه.
فهذا المبدء الفاعلي أن كان في الجسم البسيط فان كان قائما به في ذاته فيسمى «طبيعة» والحركة «طبيعية» وأن لم يكن قائما به فان كان تحريكه إياه على سبيل المباشرة والتشوق والاستكمال فيسمى «نفسا فلكية» والحركة «نفسانية فلكية» وأن لم يكن كذلك بل على سبيل التشويق والامداد فالمبدء عقلي والحركة عبادة الهية. وأن كان في الجسم المركب فان لم يكن ذافنون الحركات فيسمى «صورة معدنية».
وإن كان متفننا فلا يخلو إما أن يكون صدور الحركة منه بقصد واختيار أم لا.
الثاني النفس النباتية.
والأول أما أن يكون من شأنه أن يتقرب إلى الله تعالى وملكوته