المنبعثة عنها كل خير وكمال وزينة وجمال لما أنكروها. لكنهم لاشتغالهم بغير الله وآياته احتجبت عنهم هذه المعرفة. بل لحصر عقولهم في عالم الشهادة لا يهتدون من الحق إلا إلى مجرد مفهوم الوجود ولا يتطرقون إلى حريم الكشف والشهود ولم يعلموا أن القوم قد بلغوا في مرتبة الذوق والإيمان إلى أتم من المحسوس وجادوا من فرط الشوق والوجدان بالأرواح والنفوس.
قرىء عند الشيخ أبو سعيد المهنى قدس سره قوله تعالى يحبهم و يحبونه.
فقال: بحق يحبهم فإنه ليس يحب إلا نفسه.
على معنى أنه كل الوجود وليس في الوجود غيره كمن لا يحب إلا نفسه وأفعال نفسه وتصانيف نفسه فلا يتجاوز حبه ذاته وتوابع ذاته من حيث هو متعلق بذاته فهو إذن لا يحب إلا نفسه..
فانظر أيها المصنف إلى مرتبة هذا الشيخ الجليل المنزلة العظيم المرتبة كيف حقق الأمر وتفطن به.
فإنه كما عرف أن محبة الآثار المختصة بشيء يرجع بالحقيقة إلى محبة نفس ذلك الشيء فكذلك انكشف له لأجل الرياضات العلمية والعملية أن وجودات الممكنات ليس حقائقها إلا آثارا للحق تعالى وتوابع له بلا اختلاف حيثية كما زعموا المحجوبون من أن كون الممكن موجودا شيء وكونه أثرا تابعا شيء آخر حتى يلزم الكثرة في حقيقة الوجود والاستقلال للأشياء في الكون بأن صفة الافتقار إلى الحق عارضة للممكنات لا ذاتية لها. بل الحق الحقيق بالتصديق أن حقيقة الممكن ليس إلا عين الافتقار والتعلق بالغير. وهو ظلي الوجود رشحي الذات لكن لكل ممكن من الممكنات نوع حكاية عن الحق تعالى متفاوتة بحسب قربها وبعدها وكثرة قشورها وقلتها كما في المرايا المتخالفة المقادير والأوضاع والصقالات المحاكية لصورة شخص