حضور بساطه لميل الملك إياه ورغبته له إما لينصره بقربه أو ليستريح بمشاهدته أو ليستشيره في رأيه أو ليهيىء أسباب شرابه وطعامه فيقال إن الملك يحبه. ومعناه ميله إياه.
وهذه هي المحبة التي منشؤها قصور المحب عن الكمال الأتم والله مقدس عن نحوها. وقد يقرب عبدا ولا يمنعه من الدخول عليه لا للانتفاع والا ستيجاد بوجه ولكن لكون العبد في نفسه موصوفا من الأخلاق المرضية والخصال الحميدة بما يليق به أن يكون قريبا من حضرة الملوك وافر الحظ من قربهم بحسب استحقاقه في نفسه لا لكون الملك ذا غرض فيه وفي قربه لاستغنائه عنه. فإذا رفع الحجاب بينه وبينه يقال قد أحبه. وإذا اكتسب من الخصال الحميدة ما اقتضى رفع الحجاب يقال قد وصل وحبب نفسه إلى الملك.
وهذا المعنى الثاني من المحبة يليق بالأول تعالى لا المعنى الأول بشرط أن لا يسبق إلى فهمك دخول تغير عليه تعالى عند تجدد القرب. فإن الحبيب هو القريب من الله والقرب من الله بالبعد من صفات البهائم والسباع والشياطين والتخلق بمكارم الأخلاق التي هي الأخلاق الإلهية.
فهو قريب بالمعنى والصفة لا بالمكان. ومن لم يكن قريبا فصار قريبا فقد تغير فربما يظن به أن القرب لما تجدد فقد تغير وصف العبد والرب جميعا وهو محال في حق الله تعالى بل لا يزال على ما كان من أزل الآزال. ولا ينكشف هذا المقال إلا لأصحاب الذوق والحال.