ويتلوه عشق المبتهجين به وبذواتهم لا من حيث هم هم بل من حيث كونهم مبتهجين به وهم الملائكة العقلية فإنهم يعرفون أنفسهم بالأول وهم على الدوام في مطالعة ذلك الجمال على ما سيأتي بيانه. فلذتهم أيضا بذاته ولكنها دون اللذة الأول.
وأما لذتهم بأنفسهم فهي من حيث رأوا أنفسهم عبيدا وخدما له مسخرين.
فإن من عشق ملكا من الملوك فأقبل عليه بخدمته كان مبتهجا بحشمه وقومه وأبيه ونسبه راجعا إلى التبهج بذلك الملك.
وبعد المرتبتين الأوليين في الابتهاج مرتبة العشاق المشتاقين المتحركين إلى طلب رب العالمين المتواجدين في عظمة أول الأولين وهو الذي إذا أدار رحاها بسم الله مجراها و مرساها..
وهذه مرتبة النفوس التي في عالم الأفلاك. فهم من حيث هم مشتاقون قد نالوا نيلا وفقدوا فقدانا لعدم وصولهم إلى الغاية القصوى من الوصال في حقهم لكون النفوس من حيث هي نفوس يصحبها قوة وهجران أبدا.
فهم واجدون في عين الحرمان واصلون حين الفرقان. فلا محالة يغشاهم نوع دهشة وحيرة وتأذوا أذى لذيذا لأنه كان من قبل أرحم الراحمين.
وهاتان الجهتان فيهم بإزاء الرجاء والخوف في الإنسان العالم الصالح.
وبعد هذه المراتب مرتبة النفوس الإنسانية التي وصلت في حياتها الدنياوية إلى الغبطة العظمى.
فإن أشرف أحوالها أن تكون عاشقة مشتاقة فشوقها يؤدي إلى الطلب والسير الحثيث إلى الحق.
فإن كانت تلك الحركة مؤدية إلى النيل بطل الطلب وصفت البهجة (وضعفت خ ل) وحقت وهو الفناء الذي يسمى عند الصوفية بالولاية ففازت بمرتبة السابقون المقربون.
إذ الإنسان له سبيل إلى أن يكتسب سعادة حقيقية بأن يخرج