هذا اعتصام الزالق بما يعصمه ومبادرة اليد إلى حك العضو بلا فكر وروية.
فإن قلت: قد صرحوا بأن الغاية قد تكون في نفس الفاعل كالفرح والغلبة وقد تكون في القابل كصورة الكرسي في الخشب وقد تكون في شيء ثالث خارج عن الفاعل والقابل.
فقد علم من تقسيمهم هذا أن الغاية لا تجب أن لا تكون حاصلة فيما دون الفاعل.
قلت: الكلام في الغاية الذاتية التي يجعل الفاعل فاعلا وهي بالحقيقة ما هي متمثلة في نفس الفاعل إن جاز له التمثيل كالعقول والنفوس والطبائع الشاعرة.
أو تكون عين معقولية الفاعل لذاته المستتبع وجوده لوجود المعلول كذات المصدر لنظام الخير في الكل لأجل معقولية ذاته بذاته على الوجه المذكور.
وبالجملة الغاية الذاتية بالمعنى الأول إما نفس الفاعل أو أعلى منه وهو المتمثل فيه أو المشاهد له.
والغايات المذكورة في التقسيم إنما هي غايات عرضية لأنها متأخرة عن وجود المعلول فلا دخل لها في الإيجاد.
مع أن الحق أن الغاية بالمعنى الثاني أيضا لا يكون خارجا عن الفاعل فإن محصل صورة الكرسي في الخشب بعمل وقاصد رضا إنسان بفعل ليس غرضه إلا طلب أولوية تعود إلى نفسه. وكذا الباني لا يبني بناء بيت للاستقرار أو للأجرة بل لحصول الغاية الأخيرة وهي الأولوية العائدة إلى نفسه.
نعم حصول الصورة في القابل وغير ذلك من رضا فلان أو سكون الدار ونحوهما إنما هي غاية بمعنى ما ينتهي إليه الفعل بالذات.
والتقسيم إنما يتأتى في النهاية الذاتية مطلقا. أما الغاية الأخيرة التي هي أقصى ما يطلب الشيء لأجله فلا لأنها لا يكون خارجا عن الفاعل فهي علة غائية باعتبار العلم وغاية ذاتية باعتبار العين كما حققناه.
فإن قلت: قد يكون لبعض الأشياء غاية ولغايته غاية وهكذا إلى غير النهاية فلا يكون له ولا لشيء منها غاية يسكن لديها كأشخاص الكائنات مع أنهم يثبتون لكل فعل ذاتي غاية قصوى.
أجيب عنه بأن الغاية هناك نفس طبيعة ذلك الشيء وكانت ممتنعة للاستبقاء إلا في ضمن أشخاص بلا نهاية.
فهذا الاستبقاء علة غائية بالذات وهو واحد لا بد في