الباب السابع عشر فيما يتولد من الحيوان والطير من البيض واللبن القول في البيض أما البيض فينقسم في جنسه قسمة أولية على ثمانية ضروب: وذلك أن منه ما يكون من حيوان أصح جسما وأعدل مزاجا. ومنه ما يكون من حيوان أسقم جسما وأفسد مزاجا. ومنه ما يكون من حيوان أعبل وأسمن. ومنه ما يكون من حيوان أهزل وأعجف. ومنه ما يكون من حيوان له ذكر. ومنه ما يكون من حيوان ليس له ذكر. ومنه ما يكون من حيوان فتي. ومنه ما يكون من حيوان هرم.
فما كان منه من حيوان أصح وأعدل، كان أفضل وأحمد، لان الدم المتولد عنه محمود فاضل (1). ولذلك ما كان منه من حيوان أخصب وأكثر شحما، كان أفضل ذلك، لان الغذاء المتولد عنه أكثر وألذ. وكذلك ما كان من حيوان له ذكر، كان أفضل، لان الحرارة الغريزية فيما كان له ذكر أقوى منها فيما كان لا ذكر له. وكذلك ما كان من حيوان فتي كان أفضل، لان الحرارة الغريزية فيه أقوى وأثبت.
وأما مزاج البيض، فهو في جملته، قريب من التوسط والاعتدال، كأنه مائل إلى مزاج بدن الانسان. غير أن بياضه على الانفراد يقرب من البرد قليلا، كأنه بالإضافة إلى المح، بارد في الدرجة الأولى. ويستدل على ذلك من عذوبته وتفاهة طعمه وقربه من طعم الماء. ولذلك صارت زهومته أكثر وإغذاؤه أقل وأغلظ وانهضامه أعسر، وبخاصة متى كان من حيوان هرم أو حيوان ليس له ذكر.
وأما صفرة البيض، فهي على الانفراد تقرب من التوسط والاعتدال، أو أميل إلى الحرارة قليلا، كأنها بالإضافة إلى البياض، صارت أقل عذوبة وأبعد من الزفورة والزهومة، وألطف غذاء وأسرع انهضاما، وبخاصة متى كانت من حيوان فتي أو حيوان له ذكر، لأنها متى كانت من حيوان كذلك، كان تقويتها للأعضاء أكثر وانحلالها منها أبعد، وإن كانت هذه الخاصة لازمة لجملة البيض من قبل أنها مادة