القول في لحم الحمير والخيل والبغال والجمال أما لحم الحمير فيولد دما غليظا بطئ الانهضام، وبخاصة لحم الهرم منها، لأنه يولد دما رديئا خبيثا مفسدا للمعدة مولدا (1) للغثي والقئ. إلا أن الوحشي منها إذا كان صغيرا سمينا، كان لحمه قريبا من لحم الأيل في غلظه وبعد انهضامه وفساد دمه المتولد عنه. وما ربي من حمر الوحش في الدور، فهو أحمد من البري وبخاصة الجحاش منها. وأما لحم الأهلية فإنه (2) في غاية الرداءة وبعد الانهضام والاضرار بالمعدة، ويولد الغثي وبخاصة الهرم منها، لان الدم المتولد عنه أذم وأردأ وأخص بالاضرار بالمعدة، وإن كان لحم الحمير في الجملة ألطف من لحم الخيل، ولحم الخيل ألطف من لحم الجمال، ولحم الجمال ألطف من لحم البغال.
ولجالينوس في هذا فصل قال فيه: إن شأن أهل أثينا كانوا يختارون لحم الحمير الوحشية على الأهلية. وأهل وينينه يختارون الحضرية ويزعمون أنها أفضل من الخيل، والخيل أفضل من البغال بكثير. والصغير من الحمير أفضل. ومن منافع الحمير على سبيل الدواء: أن خاصة لحمها النفع من وجع الظهر العارض من الرياح الغليظة البلغمانية. وإذا طلي على الكلف، نقاه. وإذا حمل على الجراح والخراجات، صير لون اندمال الجراح شبيها بلون الجلد الطبيعي. وزعم ديسقوريدس عن كبد الحمار:
أنه إذا شوي وأكل على الريق في كل يوم وأدمن ذلك، نفعت المصروعين، وكذلك تفعل حوافرها إذا أحرقت وشرب منها وزن مثقالين ونصف في كل يوم. وإن عمل من حوافرها المحرقة ضماد بزيت، حلل الخنازير ونفع من السعال العارض من البرد. وإذا سحقت وعمل منها ذرور وصير على القروح العارضة في اليدين والرجلين، نفع منها. وأبوال الحمير إذا شربت، نفعت من وجع الكلى العارض من الرطوبة الغليظة. وسرقين (3) الحمير إذا أخذ محرقا (4) أو غير محرق، وعمل منه ضماد، قطع سيلان الدم. وأما سرقين الحمير الوحشية إذا أخذ يابسا وشرب بشراب، قطع ونفع من لسع العقارب منفعة عظيمة.
* * *