القول في السرطانات والأربيان والحلزون والأصداف الصغار المعروفة عند أهل مصر بالحطبيس (3) وما شاكل ذلك من حيوان البحر التي لها خزف أو جلد خزفي قال جالينوس: وقد يعم هذه الحيوانات كلها الملوحة والمعونة على إطلاق البطن بقوة تلذيعها وتقطيعها. ولذلك صارت مفسدة للمعدة، مضرة بعصبها، إلا أنها تختلف في ذلك بحسب اختلاف ملوحتها في قوتها وضعفها، من قبل أن منها الرقيق القشر القليل القبول للملوحة الدالة، لقلتها، على ضعف تلذيعه وتقطيعه مثل الحلزون والأصداف المعروفة بالطنيش، وأن كان السرطان النهري داخلا في هذا الجنس لضعف ملوحته واعتدال تجفيفه. فما كان منها ملوحته أكثر وتلذيعه أقوى، كان لحمه أرخص وانهضامه أسرع، وغذاؤه أقل، وإطلاقه للبطن أزيد، وإضراره بالمعدة أشد، وبخاصة إذا أكل بالمري والملح.
وما كانت ملوحته أقل، كان لحمه أغلظ وأعضل وانهضامه أبعد وغذاؤه وإطلاقه للبطن أضعف وإضراره بالمعدة أقل. ولذلك كانت الأوائل تطعم هذا الجنس من الحيوان لمن كان الفساد يسرع إلى الطعام في معدته عن رطوبات باردة قد رسخت في طبقات المعدة وخملها أو لفضول تنجلب إليها من غيرها، إما من الكبد وإما من غيره، إلا أن كل واحد من هذه الأنواع قد يختص بخاصة يفعلها على سبيل الدواء مثل السرطانات النهرية فإنها مخصوصة بالنفع من عضة الكلب الكلب من قبل أنها لما كانت أقل ملوحة من السرطانات البحرية وألذ طعما وأقل تجفيفا وأعدل غذاء وأبعد من الاضرار بالمعدة، صارت بلطافة ملوحتها وقلة تجفيفها تقئ السم برفق رويدا رويدا من غير أن تجفف من رطوبة البدن الجوهرية شيئا.