القول في ما يزيد في الشراب ويقل من السكر ينبغي لمن أحب الاكثار من الشراب أن يقل غذاءه ولا يملئ عروقه فتضيق عن احتمال الكثير من الشراب. فإن كان ممن لا يقنعه القليل من الطعام فالأجود له ألا يصير طعامه في مرة واحدة، لان ذلك مما يضطره إلى الاكثار من الطعام، لكن يصير طعامه في مرتين ويقتصر في المرة الأولى على القليل المعتدل، ويصير تمام طعامه عشاء ولا يكثر من الشراب بعد عشائه، لان الطعام بين شرابين غير محمود. ولذلك وجب ألا يستعمل مثل ذلك إلا من كان اتقى بقوة معدته ودماغه وصحة كبده وسائر أعضائه، لان استعمال ذلك مع ضعف بعض الأعضاء، وبخاصة المعدة والكبد لا يؤمن معه حدوث الاستسقاء، وإن كان ذلك مع ضعف المعدة فقط. تولد عنه الاستسقاء الطبلي وإن كان مع ضعف الكبد فقط تولد منه الاستسقاء الرقي، وإن كان الضعف شاملا لكل الأعضاء أو لأكثرها تولد عن ذلك الاستسقاء اللحمي الشامل للبدن كله. ولذلك صار هذا النوع أخبثها وأقلها (1) لأنه دليل على أن الضعف قد شمل جملة أعضاء البدن أو أكثرها. والأجود لمن كان صفراويا من أصحاب النبيذ أن يصير طعامه الدراج والفراريج المتخذة خردناج المنقعة في ماء الحصرم وماء حماض الأترج والمصوص المتخذة بهذه المياه أو الحصرميات المتخذة بقضبان الرجلة وماء الحصرم وحماض الأترج. فإن كان في الطبيعة امتناع (2)، فليتخذ الدراج والفراريج زيرباج أو بماء التمر الهندي وماء الإجاص. فإن اضطروا إلى شئ من النقل، فليستعملوا الرمان المز وحماض الأترج ومص السفرجل والزعرور والتفاح المز وما شاكل ذلك. والأجود لمن كان بلغمانيا أن يصير طعامه الشواء والطباهجات والقلايا والكرنب المطبوخ باللحم الحولي المجزع المعرى من الشحم والكرنب المسلوق المتخذ بالمري والزيت الانفاق، لان الكرنب وإن كان غذاؤه مذموما سوداويا فمن خاصيته أن يغلظ بخار النبيذ ويثقله ويمنعه من الترقي إلى
(٦٢٧)