مثل النطرون والفودنج الجبلي والزوفا والاسكنجبين الساذج والماء الحار. وإذا كان المزاج باردا رطبا، فيكون الاسكنجبين عنصلانيا لان ذلك ربما قيأ فطرا قد استحال وصار خلطا بلغميا باردا شديد الغلظ وخلص صاحبه، وربما لم يتقيأ وهلك وإن أخذ من الفطر مقدارا يسيرا على ما وصفنا من التدبير وإحكام النضج ثم جاد هضمه في المعدة حسنا، غذى غذاء كثيرا وإن كان بطيئا مما ينحل لغلظه ولزوجته.
ولذلك صار أكثر ما يخرج مع البراز صحيحا.
فأما الفطر القتال فإن فعله وتأثيره يكون على ضروب: لأنه منه ما يقتل بإفراط برودته ورطوبته إذا صار إلى الدرجة الرابعة من البرودة والرطوبة. ومنه ما يقتل بإفراط لزوجته وسده للمسام ومنعه من التحليل. ومنه ما يقتل بكيفية فيه اكتسبها من المواضع التي ينبت فيها مثل ما ينبت منه بالمجاورة لحديد صدئ أو لخرق قد تعفنت فأفادته كيفية مذمومة سريعة القبول للعفونة والفساد. ومنه ما ينبت بالقرب من أجحرة بعض الهوام فيستفيد منها كيفية سمية. ومنه ما ينبت بالقرب من أشجار لها خاصية مزيد في لزوجته وغلظه مثل أشجار الزيتون وما شاكلها من الأشجار الدهنية الدسمة العديمة التقطيع والتلطيف.
وقد يستدل على معرفة الفطر المذموم الخبيث من جهتين: إحداهما ما تجده على وجهه من الرطوبة الغليظة اللزجة. والثانية أنك إذا قطعته ووضعته في موضع، تعفن وفسد بسرعة. ومما يدفع ضرره أكل الكمثرى وشرب النطرون بالدهن، أو بشرب الرما بالخل والملح، أو يلعق خرء الديوك والدجاج معجونا بعسل وخل، أو بشرب طبيخ الفودنج والزوفا والصعتر.
* * * في الفوشية والجبلجان والشيح هذه في جملتها باردة رطبة في الدرجة الأولى، وهي جنس من الفطر إلا أنها إذا انهضمت (1) لم يكن كيموسها بالمذموم كالفطر. ومن الفوشية ببلد الشام شئ كثير، إلا أن الخراساني أكثر منه وأجود غذاء.