في البصل البري المعروف بالعنصلان ويسمى الأشقيل، ويسمى أيضا بصل الفأر، لان الفأر إذا أكلته قتلها، لا لأنه يقتل الفأر. أما العنصلان (1) فهو على ضربين: لان منه الأبيض، ومنه الأحمر. والأبيض منها أخص بالنفع من الاستسقاء لان فيه قوة حادة محرقة مقطعة تقطيعا بليغا من غير إسخان قوي لان إسخانه في الدرجة الثانية. ولذلك صار ملطفا ملينا للبطن مدرا (2) للبول منقيا لما في الصدر والرئة من الرطوبات الغليظة اللزجة. ولهذه الجهة صار نافعا من البهق والربو والتحشرج والسعال العارض من الرطوبة الغليظة اللزجة، ومن الاستسقاء واليرقان الكائن عن السدد المتولدة عن المواد الغليظة وإن كان من الواجب أن يحذره من كان في صدره ورئته أو في معائه شئ من قرح لأنه يلذعها بحدته ويؤذيها. ويدل على ذلك أنه إذا دلك به ظاهر البدن أحدث في الجلد حكة شديدة وورمه، وبخاصة إذا فعل به ذلك في الحمام. ولذلك صار متى أكل أحدث غثيا وقيئا شديدين بتلذيعه لعصب المعدة. وإذا أكثر منه، قتل. وعلاجه أن يقيأ صاحبه ويطعم السفرجل وحب الآس والكمثرى، ويسقى عصير العوسج، ويدهن البدن بالبان. ومن خاصته أنه يقتل الفأر.
وقد يستعمل على ضروب من الصنعة. فتختلف أفعاله على حسب اختلاف صنعته. وذلك أن منه ما يدق ويعصر ماؤه، ومنه ما يقطع ويجفف ويستعمل، ومنه ما يشوى أو يسلق ويستعمل. فأما عصيره فإنه إذا خلط مع مثل وزنه مرة أو مرتين عسلا منزوع الرغوة، وطبخ وعمل منه لعوق، نفع من الربو والبهر (3) والتحشرج العارض من الرطوبات الغليظة اللزجة. وإذا دق وعمل منه مرهم بزيت انفاق وراتينج، نفع من شقاق الرجلين، وإذا طبخ بخل وعمل منه ضماد، نفع من لسع الأفاعي.
وأما الشتوي فإنه يدخل في كثير من المعجونات المنقية للأخلاط الغليظة مثل اللوغاذيا وما شاكله.
ويدخل أيضا في الأشربة المنقية الموافقة لاصلاح المعدة مثل السكنجبين وغيره، وإذا أخذ منه مشويا مجففا وزن ثلاثة أوتولوسات ودق وعجن بعسل وعمل منه لعوق، كان صالحا للذين يشكون معدهم ويذكرون أن طعامهم يطفو منها، وأسهل بلغما غليظا لزجا وأعان على درور البول، ونفع من المغص والربو والتحشرج ومن اليرقان العارضة من سدد الكبد المتولدة عن الرطوبات الغليظة. وإذا أكل مسلوقا، فعل