القول في الخشخاش الخشخاش نوعان: أحدهما: الزنفي المعروف بالبستاني لأنه مزروع في البساتين والمزارع، والآخر: بري. والبستاني ينقسم قسمين: لان منه ما رمانه <أميل> إلى الطول وبزره أبيض، ومنه ما رمانه مستدير وبزره أسود، وهو الخشخاش الذي يستخرج الأفيون من لبنه. وكثيرا ما يكون في الخشخاش الأبيض خشخاش أحمر، غير أن الخشخاش الأبيض ألطفها وأحمدها وأفضلها غذاء، ذلك لقلة برده وجفافه، من قبل أن برودته في الدرجة الأولى وينتهي إلى أول الثانية، ويبسه في وسط الدرجة الثانية. ولذلك صار كثير من الناس من ينثره على وجه الخبز ويأكله.
وزعم ديسقوريدوس أن من الناس من يصنع منه خبزا ويأكله في حال الصحة، وإذا كان الغذاء المتولد عنه يسيرا (1) جدا عسير الانهضام. والسبب في قلة غذائه، قحله وجفافه وقلة رطوبته بالطبع.
والسبب في بعد انهضامه، غلظ الكيموس المتولد عنه لفجاجته وضعف حرارته. ومن خاصيته: أن الاكثار منه يخدر الحاسة ويجلب النوم المعتدل. وإذا طبخ بالماء العذب وحمل على الرأس، فعل شبيها (2) بذلك أيضا. وإذا أخذ منه لعوقا أو شرابا، كان نافعا من السعال العارض من الرطوبات الحادة الرقيقة السيالة المنحدرة من الرأس إلى الصدر والرئة. وقد ينفع أيضا من الاسهال المري المزمن، إلا أن فعله في ذلك أضعف من فعله في السعال، فإن خلط معه هيوفقسطيداس (3) وشئ من ماميثا (4)، قوى فعله في حبس البطن. وأما طبيخه، فضعيف الفعل في ذلك جدا حتى أنه ربما أعان على تليين البطن، من قبل أن في هذا النوع من الخشخاش، مع جوهره الحابس للطبيعة، جوهرا ملينا (5) للبطن. فإذا طبخ بالماء فارقه الجوهر الملين للبطن وخالطه الماء، وزالت (6) عنه معونته على الاطلاق للبطن. ولذلك صار