في الفقار (١) المعروف بالكبر ويسمى الآصف (٢) أما اسم هذا النبات فيضم ثلاثة أشياء: أصل الفقار، وورقه، وثمرته. وهي في جملتها تتفق في مزاج واحد ودرجة واحدة من الحرارة واليبوسة، أعني الدرجة الثانية، لأنها مركبة من طعوم ثلاثة: من مرارة وحرافة وعفوصة. والمرارة والحرافة عليها أغلب، والعفوصة فيها أقل وأخفى. ولذلك صارت محللة قطاعة منقية (٣) للرطوبات الزائدة في المعدة، مفتحة لسدد الكبد محللة لجسأ الطحال وغلظه، مدرة للبول والطمث.
ولما قدمناه من فعلها، صار أكثر استعمالنا لها على مذهب الدواء، لا على مذهب الغذاء، لان الغذاء المتولد عنها مذموم غير محمود من قبل أنها ما دامت طرية وفيها بعد الرطوبة المكتسبة من الماء، فالدم المتولد عنها حار مؤذ لحدة الرطوبة العرضية التي فيها وحرافتها ورقتها. فإذا صلبت وعصت وزالت (٤) عنها الرطوبة العرضية ورجعت إلى طبيعتها ومزاجها، صارت (٤) أشد لحرافتها، واختصت بتوليد المرار الأسود الحريف لان جوهرها قد يبس وصار من طبيعة الخشب في اليبس من غير أن تزول عنه حرافته وحدته.
ولهذه الأسباب القوية، صارت مذمومة رديئة لعصب المعدة لتلذيعها له بحرافتها، ولأن ما فيها من يسير القبض لا يفي بقوة حرافتها ومرارتها.
ولهذه الجهة صار من الواجب أن لا تؤكل دون أن تسلق بالماء العذب سلقا بليغا، ويرمى بمائها الذي سلقت به ليزول عنها أكثر حدتها وحرافتها وتظهر عفوصتها، ثم تؤكل بالخل أو بالمري والزيت والسذاب، أو تؤكل إما مطبوخة ومقلية. وكيف <ما> أكلت فيجب أن لا تعرى من الكسبرة لأنها