في السكر أما السكر فهو في جملته حار في آخر الدرجة الأولى، رطب في وسطها، له قوة تجلو وتلطف وتحلل وتلين البطن من غير لذع ولا عنف على الطبيعة. ولذلك صار مواقفا للمعدة لأنه يجلو ما فيها وينقيها إلا أن يكون الغالب على المعدة المرار، فيكون مضرا بها لاستحالته إلى المرار وانتقاله إليه وتقويته له. وذلك أن قوته مخالفة للحموضة، والحموضة من شأنها أن تسكن المرار. والحلاوة إذا كانت مخالفة للحموضة، فمن شأنها أن تهيج المرار. وقد يختلف السكر في غذائه وفعله بحسب اختلاف أنواعه. وذلك أن السكر على أنواع: لان منه المعروف بالطبرزد، ومنه المعروف بالسليماني، ومنه المعروف بالفانيد (1)، ومنه المعروف بالنبات، ومنه سكر العشر (2) المجلوب من الحجاز الشبيه بقطع الملح.
والمعروف منه بالطبرزد أقلها حرارة ورطوبة لان حرارته ورطوبته في وسط الدرجة الأولى.
ولذلك صار أقلها تليينا للطبيعة وأبعدها من الانتقال إلى المرار. والسكر السليماني شبيه (3) بالفانيد لأنهما جميعا أزيد حرارة وأكثر رطوبة. ولذلك صار أطلق للبطن وأسرع استحالة إلى المرار. وأما النبات فيختلف على حسب اختلاف الشئ الذي ينبت منه، لأنه إن كان نباته من سكر قد طبخ بماء ورد، كان أبرد وأجف وأقل إطلاقا (4) للبطن. وإن كان نباته من سكر قد طبخ بماء ورد البنفسج، كان ألين وأطلق.
وإن كان نباته من سكر قد طبخ بماء المطر، كان أعدل وأكثر توسطا بين ما يطلق وبين ما يحبس. وأما السكر المجلوب من بلد الحجاز المعروف بسكر العشر، فهو أقل أنواع السكر حلاوة وأكثرها يبوسة.
ولذلك صار له فعل محمود في أوجاع الكلى والمثانة وجلاء البصر والنفع من البياض العارض للعين إذا اكتحل به. وإذا شرب مع لبن اللقاح، نفع من الاستسقاء. ولبن العشر إذا شرب مع لبن اللقاح، فعل مثل ذلك وكان أقوى فعلا وأظهر تأثيرا إلا أن فيه خطرا لمن كان مزاجه محرورا. والفرق بين حلاوة السكر وحلاوة العسل، أن حلاوة العسل معها إسخان وتجفيف، وحلاوة السكر معها تليين وترطيب.
ولذلك صار السكر أقل عطشا وأبعد من الاضرار بالمعدة.