في الباذروج أما الباذروج (1) فحار في الدرجة الثانية، يابس في الأولى، إلا أن فيه رطوبة فضلية مكتسبة من الماء، بها صار عسير الانهضام مولدا (2) للرياح والنفخ سريع الاستحالة إلى العفونة والفساد. ويدل على ذلك الشاهد لأنا نجده خارجا إذا مضغ ووضع في الشمس، تولد منه العلق. وزعم ديسقيريدس أن قوما كانوا يمتنعون من أكله كثيرا لما كانوا يرون من انتقاله إلى الفساد خارجا. ومن خاصته إذا أكل، ترقت منه بخارات إلى الرأس وغلظت الروح البصري، وولدت في البصر ظلا وظلاما، وهذه خاصته اللازمة له.
إلا أنه إذا اكتحل بمائه المنزوع الرغوة، جفف الرطوبات السائلة، وجلا ظلمة البصر العارضة من الرطوبة. وإذا عجن بالشراب المجلوب من جزيرة قبرس وعمل منه ضماد على العين، سكن أوجاعها.
وإذا استعط بمائه بشئ من كافور ودهن الورد، قطع الرعاف العارض للمحرورين، وإذا استعط بمائه أيضا مع شئ من كمون، قطع الرعاف ممن كان مزاجه باردا.
وإذا أكل على سبيل الدواء، أدر البول واللبن ونقى رطوبة الرئة والصدر. وإذا عمل منه وحده ضماد (3)، نفع من لسعة العقرب والتنين البحري. وحكى ديسقيريدس عن بلدة يقال لها لبيون (4) أن أهلها كانوا يزعمون أن من أكل باذروجا ثم لسعته عقرب، لم يألم للسعتها. وإذا عمل من الباذزوج ضماد (3) مع السويق المعروف بشقبرن وعجن بخل ودهن ورد، حلل الأورام الحارة. وأما فعله في حبس البطن وإطلاقه لها، فقد اختلفت الأوائل في ذلك لان منهم من قال أنه مطلق للبطن، وأما أبقراط فقال فيه أنه حابس للبطن.
ولعل ظانا يظن أن بين القولين مناقضة، وليس الامر كذلك (5)، من قبل أن الفاضل أبقراط