في السيسنبر زعم ديسقيريدس أن السيسنبر يظهر في ابتداء أمره مستدير الورق. فإذا نما وكبر، صار له تشريف مثل تشريف الجرجير. واشتق له قوم اسم من اسم الحرف لان طعمه مشاكل لطعمه. وإذا كان رطبا، كان إسخانه وتجفيفه في الدرجة الثانية. ولذلك صار لطيف الفعل جدا، نافعا (1) من المغص والفواق العارضين من البرد والرطوبة، وبخاصة إذا شرب بشراب ريحاني. وإذا عمل منه لطوخ، نقى الكلف بإذن الله.
في النمام ويسميه أهل الغرب المينتة النمام نوعان: لان منه الريفي، ومنه البري. فأما الريفي فيسمى باليونانية أرقلس (2) وهو اسم مشتق من الدبيب، لان عروقه تدب وتسعى في الأرض. وأي شئ منه ماس موضعا من الأرض، ضرب فيه عروقا. وما ينبت منه في السياجات، كان أعظم نباتا وأنمى كثيرا ورائحته شبيهة برائحة المرزنجوش. وفعله كفعل المرزنجوش، إلا أن المرزنجوش في علل القوة أقوى كثيرا.
وأما البري فإنه لا يدب ولا يسعى في الأرض، لكنه ثابت قائم، وله أغصان رقاق تصلح لرقتها، لفتل القناديل. وهي مملوءة ورقا (3) يشبه ورق السذاب إلى الرقة ما هي، إلا أنها أطول وأصلب. وفى زهر النبات حرافة وطيب رائحة، وهو أقوى وأسخن وأصلب في أعمال الطب من البستاني. ولذلك صار إذا شرب أو تضمد به، أدر الطمث والبول ونفع من المغص ومن ضرب الهوام. وإذا عمل منه ضماد، نفع من رض العضل وأورام الكبد. وإذا طبخ بخل وخلط معه شئ من دهن ورد وحمل على الرأس، حلل البخارات المترقية إليه ونفع من الصداع العارض منها. وإذا شرب منه أربع درخميات بخل، سكن القئ - وفي نسخة أخرى: سكن القئ الدمي -.
وذكر ديسقيريدس أن من النمام نوعا (4) آخر ينبت في الأراضي المبورة، وهو شبيه بالنعنع إلا أنه أعرض ورقا وأطيب رائحة، وقوته مسخنة، وإذا شرب بشراب، نفع من تقطير البول وفتت الحصى وسكن المغص والقئ وقطع الفواق العارض من البرد والرطوبة. وإذا عمل منه ضماد نفع من لسع الزنابير والنحل. وإذا حمل على الجبين والأصداغ، نفع من الصداع العارض من الرياح الغليظة.