الباب العشرون (1) فيما يحتاج إلى استعماله في تدبير الصحة قال إسحاق بن سليمان: قد يحتاج في تدبير الصحة إلى أربعة وجوه:
أحدها: استعمال التدبير اللطيف في أوقاته ولأهله من أهل الدعة والسكون، والتحرز منه في غير أوقاته.
والثاني: استعمال التدبير الغليظ في أوقاته ولأهله من أهل الرياضة والتعب، والتحرز منه في غير أوقاته ولغير أهله.
والثالث: استعمال الغذاء في أوقاته على الوجوه التي يجب استعماله عليها على ترتيب ونظام، والتحرز من استعماله على خلاف ذلك وضده.
والرابع: التحرز من الأغذية المولدة للفضول المفسدة المولدة للتخم وشدة الكبد والطحال، واستقبالها بما يضادها ويزيل ضررها من الأدوية والأغذية.
وإذ صرنا إلى هذا الموضع من كلامنا في هذا الباب، وأتينا على أجناس الوجوه التي يجب استعمالها في تدبير الصحة على الجملة من غير تفصيل ولا تحديد، فنحن أحق بأن نقسم كل واحد منها إلى أنواعه وأشخاصه، ليكون أبين وأوضح لطالبه، وبالله التوفيق.
فأقول: إن التدبير اللطيف ينتظم من ثلاثة معاني:
أحدها: الأغذية اللطيفة في انفعالها وجوهريتها معا، أعني بانفعالها (2) سرعة انهضامها، وانتقالها إلى الدم. وأعني بجوهريتها الدم المتولد عنها، مثل الدم المتولد عن الخبز المحكم الصنعة ولحم الدراج والفراريج والجدي الرضع السمك الرضراضي.
والثاني: الأغذية اللطيفة في انفعالها فقط، وإن كان الدم المتولد عنها ليس بالمحمود، مثل القطف