القول في الأخبصة وغيرها مما يتخذ من الدقيق والعسل والزيت أو غيره من الادهان أما جميع الأخبصة وسائر ما يتخذ من الدقيق والعسل والدهن، فعسيرة الانهضام جدا، بعيدة الانحدار، سريعة الاستحالة إلى الفساد في المعدة، تولد دما غليظا وسددا في مجاري الكبد وغلظا في الطحال وحجارة في الكلى والمثانة. فأما بعد انحدارها وعسر انهضامها، فلان الدقيق والزيت إذا اجتمعا كانا عسيري الانهضام بالطبع، لان الدقيق في نفسه غليظ علك (1)، فإذا مازجته الدهنية واللزوجية، وعملت حرارة النار فيه، ازداد غلظا وعسر انهضامه جدا.
وأما العسل فإنه، وإن كان سريع الانحدار لجلائه وتنقيته، فإنه (2) إذا طبخ زال عنه أكثر ذلك لما يكتسبه من النار من الجفاف والغلظ. ولذلك وجب أن تتغير أفعال هذه الطعوم بحسب اختلاف طبيعتها، من قبل أنها إذا طبخت طبخا بليغا حتى ينضج الدقيق نضجا تاما يلطف غلظه وتزول عنه أكثر علوكته، فسد الزيت والعسل، وزال عن العسل لطافته وجلاؤه، وإن لم يبالغ في الطبخ بقي الدقيق نيا كثير العلوكة واللزوجة. وأعظم هذه الأطعمة ضررا ما يتخذ منها بدقيق قوي (3) اللزوجة قليل النخالة لأنه أعون على توليد السدد لالتزاقه بأفواه العروق الدقاق. ولذلك صارت هذه الأطعمة من أخص الأشياء بالاضرار للكبد والطحال والكلى. وأما الصدر والرئة فغير مضرة بهما.