القول في الزعرور والنبق أما الزعرور والنبق (1)، فإنهما إذا كانا رطبين كانا باردين في الدرجة الأولى. وأشدهما يبسا الزعرور، وألذهما طعما النبق. وفيهما قبض يسير قوي على تقوية المعدة ودبغها وقطع الاسهال (2) المري والقئ الكذلك. وأما البول، فإنهما يدرانه. وليس الاكثار منهما بطائل كالاكثار من التين والعنب، لأنهما بالدواء أشبه منهما بالغذاء. ومن قبل أن غذاءهما يسير جدا غليظ، وأكلهما على الريق أفضل لدبغهما المعدة وقلة إضرارهما بعصبها. وإذا جففا كان يبسهما أكثر، ولذلك صار النبق إذا كان يابسا كان عقله للبطن أكثر من عقله لها إذا كان رطبا، إلا أن يكون القبض غالبا على الرطب منه وظاهرا فيه.
وأما السويق المتخذ من النبق، يفعل في الاسهال ما يفعله النبق اليابس. ولجالينوس في النبق قول قال فيه: ومما يدل على لطافة هذه الثمرة وتجفيفها، أن طبيخ نشارة خشبها تشد أصول الشعر حتى لا يتناثر، وينفع من نزف النساء بالماء (3)، وربما طبخت بالشراب على حسب الحاجة إلى ذلك، وليس إنما تستعمل هذه النشارة في الحقن فقط، لكنها قد تشرب أيضا. ففي هذا دليل ليس بصغير على أن فيها قبض يسير مع تجفيف معتدل. وقوله في الزعرور: أن ثمرته تقبض قبضا شديدا وتحبس البطن حبسا قويا، في قضبانه وورقه عفوصة ليست باليسيرة.