في الفوذنج أما الفوذنج فثلاثة أجناس: لان منه جنس مشهور عند العامة يعرف بالضيا، وهو الفوذنج على الحقيقة. ومنه جنس يعرف بدقطمين ويسمجى أرطمسيتا وهو مشكطرامشير (١). ومنه جنس يعرف بفاليجن (٢). فأما الفوذنج الحقيقي فهو ثلاثة (٣) ضروب: لان منه الفوذنج النهري، ومنه الفوذنج البري، ومنه الفوذنج الجبلي المسمى فلميتا (٤). فأما النهري فإن أهل مصر يسمونه حبق التمساح من قبل أنه إنما ينبت دائما على شط النهر، وأنهارهم فلا تخلوا من التماسيح. وأما أهل الشام فيسمونه حبق القناة وريحان القناة لأنه ينبت دائما على السواقي التي يجري فيها الماء.
والجبلي من هذا النبات ورقه يشبه ورق الباذروج أو أطول قليلا إلا أنه أقل خضرة منه كأنه يلي الغبرة قليلا وينبت في الخشونة والجبال، وأغصانه وقضبانه مزواة وزهره فرفيري ورائحته ذكية قوية الحرافة جدا.
وأما الفوذنج البري، فهو شبيه بفالجن (٥) في الرائحة والطعم، إلا أن ورقه أكبر منه قليلا وأصغر من ورق الفوذنج النهري والجبلي، وقوته أضعف من قوة الفوذنج الجبلي. وأما الفوذنج النهري فيشبه النعناع الذي ليس ببستاني، إلا أنه أطول منه ورقا وساقه وأغصانه أطول من ساق النوعين الآخرين وأغصانهما، ورائحته وطعمه ألذ وأعطر إلا أن قوته أضعف.
ومن البين أن عروق هذه الأصناف لا ينتفع بها في شئ من علاج الطب أصلا. فأما <ورقه> (6) فحار ملطف يحذو اللسان حذوا (7) قويا، ومن قبل ذلك نسبه الأوائل إلى الحرارة واليبوسة. وقد يستدل على ذلك من التجربة، لان في التجربة فائدة دليل على أنه مسخن لذاع محرق، لأنا نجده إذا سحق وحمل