القول في الطير الطير في الجملة أقل رطوبة وأبعد من اللزوجة وألطف طبعا وأجف لحما وأسرع انهضاما من جميع المواشي، إلا أنه أقل غذاء. والبري من الطير أقل (١) رطوبة من الحضري وأرخص لحما وأسرع انهضاما. والسبب في ذلك (٢) تخلخل وسخافة (٣) لدوام حركته وكثرة تعبه ولطافة هوائه وجفافه. وإذا كان ذلك كذلك، كان الحضري على خلاف ذلك وعكسه، أعني أنه أكثر رطوبة وأزيد غذاء وأبعد من الانهضام لقلة حركته ودوام سكونه وغلظه وزيادة رطوبته. وكذلك صار كل جنس من الطير إذا كان منه حضري وبري. فالحضري أكثر غذاء وأحمد وأكثر جوهرا، وذلك لاعتدال رطوبته وقلة جفافه، إلا أنه أبطأ انهضاما. والمسمن من الطير الحضري في الرعي أفضل من المسمن في البيوت وأسرع انهضاما، وذلك لكثرة حركة المسمن في الرعي ودوام تعبه وأخذه من الغذاء بحسب ما تدعو إليه الطباع ومقدار حاجتها إليه، لقلة إمكان وجوده للغذاء وقلة حركة (٤) المسمن في البيوت ودوام سكونه وأخذه من الغذاء ما يجاوز المقدار لامكان وجوده للغذاء دائما.
وألطف أجناس الطير الدجاج والطهيوج وفراخ الحجل والفراريج، وبعدها الحجل والقطا والدراج المتوسط السمن المعروف بالمصدر. ومما هو داخل في ذلك التدرج والشحرور إذا كانا في غاية السمن، إلا <أن> بين هذه الأجناس فرقانا ظاهرا في حبس البطن، إلا أن القطا أفضلها لحما وأحمدها جوهرا. وأقل الطير رطوبة الشفنين والورشان والفواخت، وإن كان الشفنين أخص بذلك وأوحد به، لأنه أكثر يبسا وجفافا. ولذلك وجب ألا يؤكل إلا بعد ذبحه بيوم لان ذلك مما يرخي لحمه ويزيل عنه أكثر صلابته ويصيره رخصا. وإذا صار كذلك، كان غذاؤه محمودا غير مذموم لأنه يولد دما صالحا متوسطا بين اللطافة والغلظ.