في الجزر الجزر في الجملة حار في وسط الدرجة الثانية، رطب في وسط الدرجة الأولى، وهو على ضربين:
لان منه الريفي، ومنه البري. والريفي أقل حرارة من البري. وقد يؤكل نيا أو مطبوخا، إلا أنه غليظ بطئ الانهضام، يغذو غذاء أقل من غذاء الشلجم، وفيه حرافة يسيرة بها صار ملطفا للفضول مدرا للبول والطمث جميعا. وفى أصله قوة نافخة بها يهيج الانعاظ، وإذا أكثر منه وأدمن على أكله، ولد دما فيه تعفن الرداءة. ومما يدفع ضرره أنه يسلق سلقتين ويرمى ماؤه الذي يسلق به، ويطبخ بعد ذلك باللحم والكسبرة الرطبة والبصل والزيت الانفاق ويطيب بالخل العذب اللين والفلفل والكراويا. وإن لم يكن الخل لينا عذبا فتكسر حدته بالماء ويعذب بشئ من السكر.
وأما البري فهو نبات له ورق شبيه بورق الشاهترج، إلا أنه أعرض منه قليلا وطعمه إلى المرارة ما هو وساقه مستو له خشونة، وعلى رأسه إكليل شبيه بإكليل الشبت وزهر أبيض، وفى وسط الزهر منه شئ شبيه بشكل الفطر ولونه فرفيري (1). وأصل هذا النبات على غلظ الإصبع وطوله نحو من ذراع أو ذراعين وله رائحة طيبة. ومن هذا النبات تستخرج القنه. وبزره يعرف بالدوقوا. وإذا شرب، نفع من الشوصة (2) البلغمانية ومن الاستسقاء ونهش الهوام، وأدر البول والطمث وفتح سدد الكبد ونقى أوراد الأرحام وأعان على الحبل. وذا تحملته المرأة، أدر الطمث أيضا. وإذا شرب طبيخه، نقى الصدر بالنفث وحلل ما في المعاء من المواد الغليظة ونفع من الأمغاص. وإذا خلط معه بزر الكرفس، قوى فعله.
وأما أصله فإنه يحرك قوة الجماع ويدر البول. وإذا تحملته المرأة، أخرج الجنين. وورقه إذا دق وعجن بعسل ووضع على القروح العفنة، نقاها. والريفي من الجزر يفعل مثلما يفعله البري، غير أنه أضعف فعلا في جميع ما وصفنا خلا المعونة على الجماع، فإن الريفي أقوى على ذلك، لان رياحه أكثر وغذاؤه أزيد. وزعم ديسقوريدوس أن في بعض البلدان جزر له رائحة طيبة وفيه ما في الأصول كلها من بعد الانهضام إلا أنه مدر للبول. والاكثار منه يولد دما غير محمود. والله أعلم.