القول في التفاح لما كان ثمر هذه الشجرة غير متفق في طبيعته وجوهريته لان منه العفص الأرضي الخالص اليبس، ومنه القابض المركب من جوهر أرضي وجوهر عذب مائي، ومنه الخالص اللطيف المركب من جوهر مائي مع أرضية يسيرة، ومنه الحلو المعتدل الجوهرية المتوسط بين الكيفيات الأربع، ومنه التفه المائي، وجب أن يكون ورقها وأغصانها ولحاؤها أيضا كذلك. ولذلك قال جالينوس: أن ليس طبيعة شجرة التفاح كله طبيعة واحدة، كما أن ليس طبيعة ثمرته التي هي التفاح طبيعة واحدة، لان من التفاح ما هو عفص خشبي، ومنه ما هو قابض قليل العفوصة، ومنه ما هو حامض، ومنه ما هو حلو، ومنه ما هو تفه لا طعم له.
والعفص والقابض أبردها وأغلظها وأبعدها انهضاما، إلا أنهما أشد تقوية للمعدة وأقطع للاسهال. والقابض منهما ألطف وأرق لغلبة الجوهر المائي عليه. فلذلك صار استعماله بجرمه غير ضار لمن أراد الزيادة في تقوية معدته وقطع الاسهال والقئ جميعا لان مقامه، إذا كان قابضا، مقام المشوي والمسلوق من التفاح العفص. وأما الحامض فالغالب عليه البرودة واللطافة مع أرضية يسيرة. ولذلك صار يبسه أقل من يبس القابض، ولضعف يبسه صار لطيفا غواصا قامعا لحدة المرة الصفراء، نافعا من الخفقان، مسكنا للعطش، مقويا للمعدة، منبها لشهوة الطعام، حابسا للبطن، مانعا للقئ وبخاصة إذا أخذ على الريق أو على نقاء من المعدة لأنه إذا أخذ بعد الطعام، منعه الطعام الذي تقدمه من الرسوب في قعر المعدة ومواضع الطبخ وبقي طافيا عواما، وعصر أعلى المعدة وأحدر ما فيها إلى أسفل وصار سببا لاطلاق البطن، وإن كان العفص والقابض أقوى في هذا الفعل من الحامض كثيرا. وأما الخاصية التي هي للحامض دون العفص والقابض، وهي أنه متى وافى في المعدة فضولا غليظة ليست بباردة، قطعها بحموضته ولطافته، وأحدرها ولين الثقل. ومتى وافى كيموسا حلوا لم يشبه حرافة ولا غلظ، ألطفه وطرق له السبيل إلى جميع البدن.
وقد يفضل سويقه وشرابه الساذج في تقوية المعدة وقطع العطش والقئ والاسهال المري،