القول في أعضاء الطير قال جالينوس أن نسبة أحشاء الطير إلى لحمه كنسبة أحشاء المواشي إلى لحمها. والقوانص من كل طير غليظة عسرة الانهضام غليظة الغذاء، إلا أنها إذا انهضمت غذت غذاء كثيرا قويا بطئ الانحلال من الأعضاء. وأفضل القوانص قوانص الإوز، لأنها أرطب وأرخى لحما وألذ طعما. وذلك لفضل رطوبة جوانها بالطبع. وبعد قوانص الإوز في الفضل قوانص الدجاج. وكذلك كبود الطير فإنه ألذها طعما وأكثرها غذاء وأحمدها جوهرا وأسرعها انحدارا وانهضاما كبود الإوز وبعدها كبود الدجاج وبخاصة ما كان من الإوز والدجاج سمينا بغذاء معجون باللبن الحليب وماء التين المطبوخ.
فأما الأجنحة فإنها من كل طير، بالإضافة إلى حيوانها التي هي فيه، أسرع انهضاما وأحمد غذاء، وذلك لتواتر حركتها وتواتر تعبها. ومن البين أن كل ما كثرت حركته ودام تعبه، تحلل جسمه ولان لحمه وقلت فضوله، وكل ما قلت حركته ولم يتحرك أصلا، كثرت رطوبته وغلظ جسمه وانحسرت فضوله وعسر انهضامه وبعد استمراؤه. وأفضل الأجنحة أجنحة الفتي المسمن من كل طير، لان الأجنحة متى كانت من طير فتي، كانت الحرارة الغريزية فيها أقوى، ومتى كانت من طير سمين، كانت أرطب وألذ وأسرع انهضاما وأكثر غذاء. وأردأ الأجنحة أجنحة الطيور الهرمة الهزيلة، لان ما كان من طير كذلك، كان أعضل وأيبس وأبعد انهضاما وأقل غذاء. وأما أجنحة الصغير فإنها، وإن كانت محمودة الغذاء لاعتدال حرارتها وسرعة انهضامها وجودة الجوهر المتولد عنها، فإنها يسيرة الغذاء سريعة الانحلال من الأعضاء.
وأما الرقاب فإنها من كل طير محمودة الغذاء لدوام حركتها وترضيض خرز عظام العنق للحمها.
وأفضلها رقاب الإوز والدجاج المسمنة بالغذاء المعجون باللبن الحليب وماء التين المطبوخ. وأما الخصي من كل طائر، بإضافته إلى الخصي من المواشي، أحمد كثيرا. وأفضلها خصى الديوك الكثيرة سفادها (1)، وبخاصة إذا كانت من ديوك مسمنة باللبن الحليب وماء التين المطبوخ. فإن عارضنا معارض