في الطرفاء أما الطرفاء فنوعان: أحدهما: البري المعروف بالطرفاء على الحقيقة، والآخر: البستاني يعرف بالأثل. وأما البري فشجرته معروفة مشهورة تنبت على المياه القائمة والأراضي الندية، وأكثر ذلك في السباخ. وارتفاعها من الأرض شبيه بارتفاع الأشنة أو الشجرة المعروفة بشجرة مريم عليها السلام، وأعظم قليلا. ولهذا ثمرته مستطيلة شبيهة بالدهن في لونه وقوامه.
وأما الطرفاء البستاني المعروف بالأثل فيكون بمصر والشام كثيرا (1). وارتفاعه من الأرض كارتفاع شجرة القاقيا التي بمصر المعروفة بالسنط (2)، وورقها شبيه بورق الطرفاء البري، وثمرتها على عظم العفص وهي المعروفة بحب الأثل ويسمى الجزمازج (3). وقوة هذا النبات في طبعه وسائر أحواله كقوة شجرة الطرفاء البري في طبعه وسائر أحواله. وفيها جميعا قوة تجلو وتفتح وتنقي من غير تجفيف بين.
وإن كان القبض فيهما ليس باليسير ولا بالمنكتم، إلا أن ذلك في ثمرتها أكثر، وفى اللحاء قريب من ذلك.
ولجالينوس في الطرفاء قول قال فيه: إن قوة الطرفاء قوة تجلو وتفتح وتنقي من غير أن تجفف تجفيفا ظاهرا، وإن كان القبض فيها ليس باليسير ولا بالخفي، إلا أن قوة التلطيف في ورقها وأصلها وقضبانها أكثر، إلا أن القبض على ثمرتها أغلب. ولذلك صار إذا طبخ الأصل والقضبان بشراب أو بخل ثقيف وشرب طبيخها، كانت منفعتها في تحليل جسأ الطحال الغليظ ليست باليسيرة، بل قوية جدا. وإذا دقت وشربت أو طبخت بالماء وأنقعت مدقوقة في ماء حار من الليل إلى الصبح وشرب ماؤها، نفعت من الصفاء واليرقان ولسع الرتيلاء. وإذا تدخن بها، نفعت من الاسترخاء العارض في الوجه المعروف باللقوة. وإذا تدخنت المرأة بها، دفعت انحدار الطمث من غير وقته. وإذا تحملت المرأة رماد خشبها،