القول في الأرز قال جالينوس: إن أكثر الناس يستعملون الأرز لقطع الاسهال، وليس فعله ذلك بقوي، لكنه ضعيف لان الذي فيه من القبض يسير جدا. وأكثر ذلك في قشره الأحمر الذي يلي جسمه. ولذلك صار الأرز الأحمر أشد قبضا وأحبس للبطن من الأبيض. والأرز في طبيعته ومزاجه حار في الدرجة الأولى، يابس في الثانية. ويستدل على حرارته من جهتين: إحداهما: من طبعه، والأخرى: من تأثيره وفعله.
فأما الاستدلال على الحرارة بالطبع... (1) ولذلك صار يجلو جلاء حسنا. ويستدل على جلائه بتنقيته لظاهر البدن إذا طلي عليه من خارج. وأما الاستدلال على حرارته من تأثيره (ف) لأنا نجده دائما يحمي الأبدان للمحرورين ويلهبها. والغذاء المتولد عنه ليس بحسن الجوهر، إلا أنه بإضافته إلى غذاء الذرة والجاورس، كان أكثر تغذية، وإن كان بإضافته إلى الحنطة أقل تغذية. وأما الشعير فإنه بإضافته إلى الأرز بالطبع أقل تغذية لكثرة جوهر الشعير ولبابه. وبإضافته إليه بالعرض أكثر تغذية، ذلك لغلظه وبعد انحلاله من الأعضاء، ولطافة الشعير وسرعة انحلاله.
فأما يبس الأرز، فيستدل عليه من جهتين: إحداهما: من فعله، والأخرى: من انفعاله. فأما من فعله، فإنا نجده دائما موافقا للجراحات وفى الهواء الرطب والبلدان الكذلك. وأما من انفعاله، فإنا نجده عسير الانهضام في المعدة بعيد الاستمراء والنفوذ في العروق من غير لزوجة ولا علوكة. وقد يستعمل على ضروب من الصنعة، فيفعل أفاعيل مختلفة، وذلك أن منه ما يطحن ويطبخ كما يطبخ النشاستج ويستعمل، فيغذو غذاء صالحا. إلا أنه دون غذاء النشاستج لأنه أقل لذاذة. ولذلك صار استمراؤه استمراء النشاستج. ومنه ما يطبخ وهو صحيح حتى يتهرأ ويصير بمنزلة الكشك ويستعمل لمن كان صحيح البدن ممن يجد لذعا في معدته وسائر أمعائه، ولمن كان به إسهال من فضول كثيرة الغالب عليها المرار بعد أن يكون صاحبه سليما من الحمى. فإن أراد مريد أن يزيل عنه تعفن يبسه ويعدل