في الأفسنتين الأفسنتين في الجملة حار ويابس، إلا أنه يختلف في ذلك في القلة والكثرة، والقوة والضعف على حسب اختلاف نوعه، وذلك أن منه نوع مشهور معروف بالأفسنتين على الحقيقة. ومنه نوع يسمى ساريقون وهو الشيح. ومنه نوع يسمى ساطوليقن اشتق له هذا الاسم من بلدته التي ينبت فيها. فأما الأفسنتين على الحقيقة فهو أقلها حرارة ودونها في اللطافة، لان الغالب على طعمه القبض مع شئ من مرارة ويسير من حرافة. والغالب على طعم الاثنين الباقيين المرارة والحرافة مع ملوحة بينة. ولذلك صارت حرارة الأفسنتين على الحقيقة في الدرجة الأولى، ويبسه في الدرجة الثالثة لان فيه من القبض أكثر مما فيه من المرارة والحرافة. ولهذه الجهة صار مقويا للمعدة ودابغا لها. وليسير حرافته ومرارته، صار له جلاء معتدل به يحدر ما في المعدة من الخلط المري ويخرجه بالاسهال وينقي ما في العروق من الفضول المرية ويحدرها بالبول. وإذا أخذ وفي المعدة أو الصدر والرئة بلغم محتقن أو رطوبات نية، لم ينتفع به في شئ منها أصلا، لان القبض عليه أغلب.
وإذا تقدم الانسان بشربه قبل شرب النبيذ، أدر البول ومنع من سرعة السكر ودفع الخمار. وإذا شرب مع سياليوس (1) أو مع السنبل (2) الأقليطي، نفع من أوجاع المعدة والأمعاء العارضة من النفخ والرياح الغليظة. وإذا شرب من مائه المستخرج بالدق والعصر، أو من مائه المطبوخ به عدة أيام متوالية، نفع من عدم الشهوة للطعام ومن اليرقان العارض من سدد الكبد والمرارة. وإذا شرب بالخل، نفع من الخناق العارض من أكل الفطر. وإذا شرب بالشراب، نفع من سم الدواء المعروف بالكسينا، ومن سم الحيوان المسمى ميغالي (3) ومن سم التنين البحري. وإذا عجن بعسل وتحنك به، نفع من ورم العضل الذي (4) على جنبتي اللسان. وإذا ديف بعسل ولطخ على الآثار البنفسجية الحادثة في العين، نقاها وأزال