الباب التاسع في الفاكهة الفاكهة تنقسم قسمة جنسية على قسمين: لان منها البري ومنها البستاني. وكل واحد من النوعين ينقسم قسمين لان منه ما قد استكمل نضجه وطاب على شجره، ومنه ما هو بعد فج غليظ لم يستكمل نضجه في شجره ولم يطب. فأردأ الفاكهة وأذمها غذاء ما لم يستكمل نضجه على شجره، ويطب، وبخاصة ما كان منها بريا لان الفجاجة تكسبه يبوسة وغلظا.
ولذلك قال جالينوس: إن ما كان من الفواكه فجا غير نضيج فهو أردأ وأذم وبخاصة ما كان بريا.
وما كان لينا نضيجا فهو أحمد وأفضل وبخاصة ما كان بستانيا. فقد بان من قوة كلامه، أن أحمد الفواكه ما كان نضيجا بستانيا، وكان ما يحويه من القشر رقيقا رطبا لان ما كان قشره كذلك كان دليلا على أن رطوبته الجوهرية أرق وألطف. وما كانت رطوبته أرق وألطف كان أسرع نفوذا في العروق وأسهل انقيادا لفعل الطبيعة. ولهذا صار التين أفضل الفواكه التي يحويها قشر وأحمدها غذاء، وبعده العنب. ولذلك قال جالينوس: أن ما لان قشره من الفواكه كان أفضل، وما صلب قشره كان أردأ. ولهذه الجهة صار ما طاب على شجره وكمل نضجه كان أحمد مما لم يكمل نضجه ولم يطب على شجره، لان ما كمل وطاب كان أسرع انحدارا وأخص بتليين البطن وبخاصة متى كان بستانيا. وما كان فجا غير نضيج كان أبطأ انحدارا وأخص بحبس البطن وبخاصة متى كان بريا، وإن كان غذاء الفواكه في جملتها يسيرا جدا مذموما غير محمود.
أما قلته، فللينه ورخاوته وسرعة انحلاله من الأعضاء وقلة ثباته فيها، وأما رداءته وفساده، فلاستحالته إلى العفونة والفساد بسرعة. ولجالينوس في هذا فصل قال فيه: إن الفواكه في جملتها تغذو غذاء يسير رديئا، من قبل أنها إذا انهضمت ولدت دما رديئا سريع العفونة والفساد. ولهذه الجهة صارت نافخة مولدة للفضول الغليظة العسيرة الانحلال من المعدة والمعاء وبخاصة متى بعد انهضامها لأنها إذا لم تنهضم بلغ من استحالتها أن تنتقل إلى كيفية رديئة تقارب كيفية السموم لقربها من القوة إلى الفساد، ولا سيما إذا أخذت بعد الطعام. وما كان من الفواكه له قشر غليظ يابس صلب فهو أردأ مما كان قشره