صفة عمل دهن الحلبة يؤخذ من الحلبة تسعة أرطال، ومن الزيت خمسة أرطال، ومن قصب الذريرة (١) رطل، ومن السعد (٢) رطلان - وفى نسخة أخرى: من السعد رطل - ينقع ذلك في الزيت سبعة أيام، ويحرك كل يوم ثلاث مرات، ويعصر ويرفع. ومن الناس من يجعل بدل قصب الذريرة قردمانا (٣) وبدل السعد قشر عود البلسان (٤) الأخضر الذي يلي العود. ومن الناس من ينقع <هذه> الأدوية بدءا بالزيت الأخضر، ثم يصفيه، وينقع الحلبة بعد ذلك فيه. ولهذا الدهن قوة قوية ملينة للأورام، محللة للأوجاع، وبخاصة أوجاع الأرحام وأورامها. ويعمل منه حقنة لرحم المرأة التي قد عسر ولادها، إذا خف الولد لافراط خروج الرطوبات من الرحم. وينفع من أورام المقعدة والزحير إذا احتقن به. وقد يحتقن به للمغص.
وقد يخلط بأدوية الكلف ويدهن <به> الرأس فيجلو النخالة والأتربة منه، وينقي القروح الرطبة. وإذا خلط بالشمع، نفع من الشقاق العارض من البرد. وأجوده ما كان حديثا لم يغلب عليه ريح الحلبة كثيرا، وفى طعمه حلاوة مع مرارة.
وأما الحلبة المنبتة في الدور والمنازل، فهي أقل حرارة من الحب اليابس كثيرا وأزيد، لما تكتسبه من رطوبة الماء. إلا أن الدم المتولد عنها ليس بالمحمود. وإذا أكلت وحدها بغير مري ولا خل، أفسدت المعدة وغيرت النكهة وولدت غثيانا وصداعا. وإذا أكلت على الريق بالخل، قل إضرارها بالمعدة ولم تغثي، وأعانت على إطلاق البطن، ولم تضر بالرأس كإضرارها إذا أكلت وحدها. وإذا أكلت مع الخبز على سبيل الادم، كانت (5) معونتها على تليين البطن أقل وإضرارها بالرأس أيسر وأسهل.
وإن أكلت مع الخبز بالمري والخل على سبيل الادم أيضا، كان إضرارها أقل من إضرارها إذا أكلت مع الخبز وحده من غير مري ولا خل.
وأما فعلها في تغيير النكهة، ونتن البول والعرق (6)، فهو دون ما يفعله الحب اليابس لشدة رائحة الحب وقوة فعله.
وأما الورق الأخضر، فإن فعله قريب من فعل الحلبة المنبتة في المنازل والدور، إلا أنه في ذلك كثير الرطوبة وسيلانه وسرعة انحداره (7). وزعم جالينوس أن من خاصة هذا الورق أنه إذا أكل بالخل، نفع المعدة الضعيفة. والله أعلم.