القول في الزبيب إن نسبة الزبيب إلى العنب كنسبة التين اليابس إلى التين الطري، إلا أنه ألطف جسما وأقل حلاوة من التين. فللطافته في جسمه وقلة حلاوته، صار انفعاله أكثر من فعله، وصار انقلابه إلى المرار أسرع من انقلاب التين إلا أنه متى لم ينقلب إلى المرار، كان أوفق للمعدة كثيرا. ذلك لخفته عليها وقلة إتعابه لها. وقد يختلف في طبيعته وغذائه وفعله على حسب اختلاف طعمه ومقدار جسمه. فأما طعمه فيختلف على ثلاثة ضروب: لان منه الحلو الصادق الحلاوة. ومنه ما فيه مرارة. ومنه ما فيه قبض وخشونة. وما كان كذلك فهو مركب من قوتين: قوة تنضج وتحلل تحليلا معتدلا وقوة تقبض وتقوي.
والسبب في تقويته طبيعة حبه لان لحمه وإن كان حارا رطبا محللا، فإن حبه بارد يابس مقبض.
وما كان من الزبيب حلوا كان أكثر حرارة ورطوبة وبخاصة متى كان أسود، ولذلك صار متوسطا بين ما يرخي ويشد، لأنه يرخي المعدة ولا يشدها، ولا يطلق البطن ولا يحبسه. ولذلك صار له تعديل لما يصادف في المعدة من الأخلاط الرديئة متى كانت يسيرة. ومن فعله تسكين اللذع الذي في المعدة وبخاصة إذا كان لحيما رقيق القشر صغير الحب. وما كان كذلك كان نافعا لأوجاع الصدر والرئة ملينا للسعال جلاء لما في الكلى والمثانة إلا أنه غير موافق للكبد والطحال إذا كان فيهما جسأ (1) أو غلظ. وما كان من الزبيب مائلا إلى المرارة قليلا كان أقل غذاء وأمسك إلى البرودة وقلة الرطوبة وخاصة متى كان أبيض. ولذلك صار مقويا للمعدة حابسا للطبيعة مسكنا للحر. وأكثر منه في هذا ما كان عفصا، لأنه أقل أنواع الزبيب رطوبة وأكثرها يبوسة، ولذلك صار أكثر تقوية للمعدة وأعون على حبس البطن ولا سيما إذا كان لحمه قليلا وحبه كثيرا.
وقد يستعمل الزبيب على ضروب فتختلف أفعاله وغذاؤه، ولذلك أن منه ما يؤكل بعجمه، ومنه ما يؤكل بغير عجمه، وهو أكثر موافقة للسعال وعلل الصدر والرئة وأوجاع الكلى والمثانة وأعون على