القول في اللبأ والزبد والجبن فأما اللبأ (١) فهو أغلظ من اللبن وأعسر انهضاما وأبعد انحدارا، وذلك لعدمه مائية اللبن ورطوبة الجوهرية، من قبل أنه يمكث في الضرع أياما قرب وضع الحيوان حمله قبل (٢) أن يحلب فينشف حرارته الهواء ورطوبته الجوهرية ومائيته. ويستدل على غلظه وبعد انهضامه بسرعة ما يولده <في> المعدة من البشم (3) والتخم لا سيما إذا أخذ بغير عسل ولا غيره من الحلاوة المعينة على انحداره بجلائها وتنقيتها.
ولذلك صار أكثر تولدا للدم والاخلاط الغليظة من اللبن كثيرا. فإذا انحدر عن المعدة وصار إلى المعاء، أثقلها بغلظه وبعد انقياده وتهبط القوة وجلت عن تدبيره وانحدر بسرعة وأسهل البطن إسهالا نيا فجا.
وكثيرا ما يولد العلة المعروفة بزلق المعاء والعلة المعروفة بالهيضة (4).
وما عقد من اللبأ في قدر في جوف قدر مملوءة ماء، كان ألطف مما عقد على نار أو على رماد حار، لان الماء الذي في القدر الخارجة عنه يفيده رطوبة وليانة وسرعة انهضام، وإن كان بعد الانهضام مخصوصا به بالطبع.
القول في الزبد (5) وأما الزبد فقد بينا في المقالة (6) الأولى في كتابنا أنه مساو (7) لطبيعة الشحم والسمن، أعني بالشحم المجاور للعظام واللحم. ولذلك صار إذا استعمله من كان محتاجا إلى أن ينفث من رئته وصدره شيئا عند الأورام المتولدة في الرئة أو في الحجاب المعروف بديافرغما (8)، أعان على ذلك وأنضج