القول في البطيخ أما القول في البطيخ فينقسم قسمة جنسية على أربعة ضروب: لان منه البطيخ الريفي وهو المعروف عند العامة بالبطيخ على الحقيقة. ومنه البطيخ الفلسطيني المعروف بالماهوني. ومنه البطيخ الرمسي اللطيف المليون (1) المطرق المعروف بالدستنبويه، والعامة يظنون أنه نوع من اللفاح (2).
فأما الريفي فيكون على ضربين: لان منه المستطيل المعروف عند الأوائل بسيلانا، ومنه المستدير المعروف عند الأوائل بقلمونيا. والنوعان جميعا باردان رطبان إلا أن رطوبتهما أزيد من برودتهما في وسط الدرجة الثانية، ورطوبتهما في آخرهما. والفرق بين النوعين أن رطوبة المستدير أغلظ وأكثر، لزوجة، ولذلك طفت وعامت وتحركت عرضا وصار البطيخ مستديرا.
ورطوبة المستطيل أرق وأقرب إلى المائية، ولذلك سالت وهبطت وتحركت سفلا، وطار البطيخ مستطيلا. وقد يستدل على ذلك من عذوبة المستدير وتفاهة المستطيل، لان العذوبة دالة على الغلظ واللزوجة، والتفاهة دالة على المائية والرقة. ولذلك صار المستطيل أقل غائلة وأبعد من الجلي والتنقية، والمستدير أكثر غائلة وأقوى على الجلي والتنقية وأدر للبول وأخص بغسل الكلى والمثانة وتنقية الرمل والحصى اللطيف المتولد فيهما، ذلك لزيادة عذوبته وقوة جلائه. وقد يستدل على جلي البطيخ في الجملة من تنقيته لسطح البدن إذا اغتسل به. وقد يعمهما أيضا سرعة الاستحالة إلى الفساد والانتقال إلى ما صادفا في المعدة من المرة أو من البلغم كاستحالة السمك واللبن إلى مثل ذلك للطافتهما وخفة حركتهما وسرعة انقيادهما للانفعال. ولذلك صار البطيخ الريفي في الجملة مضرا بالمعدة مرخيا لعصبها مفسدا لما يخالطه فيها من طعام أو غيره، وبخاصة إذا كان ما يخالطه رطبا أو حلوا. ومن خاصته أنه يزلق الغذاء ويحدره قبل تمام هضمه ويحدث في المعاء رياحا نافخة وقراقر (1) ويهيج الاسهال المعروف بالهيضة. فإن لم يتبعه صاحبه بما