في ثمرة الساج المسمى عرواء أما ثمر (١) الساج فله رائحة ذكية حادة مع لذاذة طعمه. ولذلك صار جدا حريفا، إلا أن معه شيئا من قبض. ويستدل على حرارته من طيبة طعمه وذكاء رائحته، لان كل شئ ذكي الرائحة من جنس البخور، فهو حار مدخن. ومن أجل ذلك صار متى أخذ من فضل قليل، ملا عروق الرأس بخارا وأسخنه وهيج صداعا شديدا. فإن اقتصر منه على المقدار المعتدل، كان له قوة ملطفة للفضول الغليظة اللزجة منقية لجداول الكبد والكلى مانعة من درور البول، إلا أنه عسير الانهضام، يقتل <الدود> (2) في المعدة مضر بها لأنه يحدث فيها ألما ومغصا. فإذا أزيلت (3) عنه عفوصته وحرافته، قل إضراره بالمعدة، وصار غذاؤه يسيرا جدا. ولهذا السبب وجب أن لا يؤكل حتى ينقع في الماء ساعة ليكتسب من الماء رطوبة وليانة يقل بها ضرره. وهذا مذهب كل الثمار التي قد اجتمع فيها القبض والحلاوة.
القول في السرو وهو الأرز أما السرو فقوة قضبانه وورقه وجوزه مجففة من غير حدة ولا حرافة شديدة، لان الذي يوجد من طعم هذه الشجرة من الحدة والحرافة يسير (4). والأغلب على طعمها العفوصة والمرارة، عفوصتها أقوى من مرارتها كثيرا والذي فيها من الحرارة والحرافة مقدار ما يتدرق (5) وعفوصتها، ويوصلها إلى عمق البدن من غير إسخان ولا تلذيع. ولذلك صارت مخصوصة بإفناء ما كان محتقنا في عمق الأبدان من الرطوبات العفنة الرهلة وإزالتها عنها إزالة تجمع فيها بعد الأبدان من الداء وقربها من العافية معا. وفى هذا دليل على لطافتها وقلة حدتها وضعف حرافتها لأنه لو كان فيها حدة قوية وحرافة شديدة لكانت، مع ما تفني من الرطوبات المحتقنة في الأعضاء، تجذب إلى المواضع أيضا (6) بحدتها وحرافتها رطوبات غريبة غير ما أفنت، ولا توصل منها إلى الغاية فيه بسرعة، لان هذا رسم الأدوية التي حدتها وحرافتها قوية.
ولهذا السبب صار السرو نافعا لأصحاب الفتق لأنه يجفف الأعضاء التي قد أرختها الرطوبة.
ويكسبها قوة وصلابة لأنه يفني الرطوبة الفاعلة الاسترخاء من غير أن يجذب إلى الأعضاء رطوبة غيرها.