صفة تربية الخل بالعنصلان أما تربية الخل بالعنصلان، فعلى ما أصفه لك. تؤخذ قلوب بصل العنصلان مع قشوره الرطبة القريبة من القلوب فتقطع على النصف والثلث، وتنظم في خيوط خيرخام أو خيوط كتان. وتؤخذ إجانة (1) غضار (2) أو خزف مقير (3)، ويربط في وسطها من خارج شبيه بزنار ويملأ ثلثاها خل خمر ثقيف. وتؤخذ الخيوط التي فيها العنصلان منظوما، فتعلق على وجه الخل، وتربط أطراف الخيوط بالزنار الذي في وسط الإجانة من خارج طرف الخيط الواحد من جانب الإجانة الواحدة، والطرف الآخر الذي بحذائه حتى يبقى عنصلان، فإنه مسطوح على وجه الخل من غير أن يمس الخل، ثم يركب على وجه الإجانة غطاء مقبب قليلا من غضار أو خزف مقير بزفت، ويطين الوصل (4) بطين الحكمة كيلا يتشقق، ويصير في الشمس أربعين يوما من شهر تموز وآب. ثم يروق في قوارير زجاج ويخزن ويستعمل عند الحاجة.
وأما ديسقوريدوس فقال أن عمل خل العنصلان على هذا المثال: يؤخذ عنصلان أبيض فيقطع ويشك في خيط ويفرق بين القطع حتى لا يماس بعضها بعضا، ويجفف في الظل في مهب الرياح الشرقية الشمالية أربعين يوما. ثم يؤخذ منه منا (5) ويلقى عليه اثنا عشر قسطا خل ثقيف. وقال في موضوع آخر خمسة أقساط خل، ويغطى الاناء ويطين الوصل ويصير في الشمس ستين يوما ثم يعصر ويرمى بتفله، ويستعمل الخل. ومنهم من كان يأخذ العنصلان فيقطعه ويلقيه في الخل من غير أن يجففه، ويدعه في الخل ستة أشهر ثم يعصره ويصفيه ويستعمله. ويكون ما يلقى من المن من العنصلان في الخل مقدار نصف ما قدرناه في الباب الأول. وهذا الضرب من خل العنصلان يستعمل على سبيل الدواء لا سبيل الغذاء. وإذا تحسي منه، صلب الحلق وجسى جسمه وصفى الصوت وقواه، ونفع من ضعف المعدة وسوء الهضم والسدد واختناق الرحم. وقد يقوي البصر. وإذا قطر في الاذن، نفع من الصمم. وإذا تمضمض به، شد اللثة المسترخية وأذهب نتن الفم وطيبه. وقد يستعمل من العنصلان شراب، أنا ذاكره عند ذكرى الشراب، إن شاء الله تعالى.