الياقوت الأحمر في لونه. وهو على ضربين: لان منه الصغير القطرات اللذاع اللسان، ومنه العظيم القطرات الأملس غير اللذاع للسان، وهذا النوع منهما ردئ لا ينتفع به. وأما الأول اللذاع فهو في جميع ما ذكرنا من فعل الزيتون البستاني أقوى وأخص كثيرا وأظهر تأثيرا. والله أعلم.
القول في الزيت الزيت على الحقيقة هو المستخرج من الزيتون، وما سوى ذلك مما يستخرج من غير الزيتون فإنما يقال له أدهان، وينسب كل واحد منها إلى النبات الذي هو منه، كما اشتق للزيت اسم من الزيتون المستحق لاسم الزيت على الحقيقة يكون على ضربين: لان منه الطري الحديث القريب العهد بالخروج من الثمرة (1). وأما الطري منه القريب العهد بالخروج من الثمرة، فما كان منه من زيتون غض أخضر لم يكمل نضجه ولم يدرك، وهو المعروف عند اليونانيين بالزيت الانفاق، لان هذا الاسم يوناني على ما زعم ديسقوريدوس. وما كان منه مغسولا مستخرجا بالماء الحار يسمى زيت الماء والزيت المغسول. وأفضل الزيت ما كان ذكي الرائحة لذيذ الطعم سليما من اللذع والحرافة، ويكون قبضه ظاهرا بينا لان بحسب ما فيه من القبض مقداره من البرودة واليبوسة. وما كان له مقدار من القبض كان أفضل للمعدة لتقويته لها. ولذلك أقامت الأوائل هذا النوع من الزيت مقام دهن الورد في علل الاسهال.
وإذا تمضمض به ومسك في اللثة، قوى الأسنان. وقد يستعمل كثيرا في أدهان الطيب.
وما كان من الزيت الحديث الطري مستخرجا من زيتون أسود قد أدرك واستحكم نضجه، فإنه رطب ويسخن إسخانا معتدلا ويرخي المعدة ويطلق البطن وينقلب إلى المرار الأشقر بسرعة. فإن خلط مع هذا النوع من الزيتون أعقابه الرطبة الطرية ودقوها معه وعصروا ماءها، كان الزيت المستخرج منها قريبا من الزيت الانفاق بهذا الفعل فقط دون أن يمتحن منه ثانية ويداف وينظر. فإن كان فيه مقدار من القبض علمنا أن فيه من البرودة واليبوسة بحسب ما فيه من القبض. فإن وجدنا العذوبة غالبة عليه من غير قبض أصلا، علمنا أنه بعد حار باعتدال. وإن وجدنا الحرافة فيه ظاهرة، علمنا أن فيه من الحرارة واليبوسة مقدار ما فيه من الحرافة. وإن وجدنا فيه لطافة هوائية، علمنا أنه فائق قد لزمته فضيلة الزيت المحمود الواجبة له، وعلامة لطافته (2) أن يكون صافيا نقيا جيد المستنشق. وإذا أخذ منه اليسير وحمل على موضع من البدن، امتد على الموضع وانبسط من غير أن ينقطع وينشفه الجلد ويبتلعه بسرعة.
وأما الزيت العتيق البعيد العهد بالخروج من الثمر، فإنه متى كان من زيت إنفاق أو زيت الماء، فما دام قبضه قائما فيه ولازما له، فقوته مجففة حتى إذا زال عنه القبض، صار حكمه حكم الزيت الحلو