وانفعاله، غير أنه أكثر منه غذاء وأسرع انهضاما وأقل تقوية للمعدة لما فيه من الدهنية والزيتية، وإن كان أقل أنواع زيتون الزيت دسما وأكثرها قبضا وأميلها إلى البرودة واليبوسة. ولذلك صار بإضافته إلى زيتون الماء على الحقيقة، أكثر غذاء وأسرع انهضاما وأقل تقوية للمعدة وأميل إلى الحرارة قليلا، لأنه أكثر منه زيتا ودسما وأقل قبضا. وبإضافته إلى سائر أنواع زيتون الزيت، أقل غذاء وأبعد انحدارا وأكثر تقوية للمعدة وأميل إلى البرودة، لأنه أقلها زيتا ودسما وأكثر قبضا. وقد يربى أيضا بالماء والملح أو بالملح والخل، فيكون حكمه حكم زيتون الماء على الحقيقة إذا ربي كذلك، إلا أنه ألطف وأسرع انحدارا لأنه لفضل دهنيته، صار أسلس وأخف على المعدة، وإن كان أقل منه تقوية لها.
* * * القول في الزيتون الأسود النضيج أما الزيتون الأسود الكامل النضج، فهو حار باعتدال. وزعم ديسقوريدوس: أن فيه يسيرا (1) من يبس. وأما جالينوس فوصفه بالترطيب. وليس ببعيد أن يكون كذلك لما فيه من الدهنية والعذوبة وقلة الحرافة. ولذلك صار غذاؤه كثيرا غليظا لزجا مرخيا للمعدة بعيد الانهضام سريع الانحدار. والسبب في بعد انهضامه أن الدهنية تعومه وتمنعه (2) من الهبوط إلى موضع الطبخ من المعدة. والسبب في سرعة انحداره: أنه يزلق المعدة وينحدر منها قبل تمام هضمه. ولذلك بعد انهضامه وقرب من الاستحالة إلى المرار، وصار بإضافته إلى الزيتون الأخضر الغض مذموما لان الخلط المتولد عنه كريه الطباع وبخاصة إذا ربي بالملح لان (3) الملح زائد في حره وإفساده الدم وسرعة انحداره عن المعدة بتلذيعه لها. وما عظم من هذا الجنس من الزيتون كان أعظم ضررا مما صغر منه، لان الجوهر الدهني فيما عظم منه أكثر، ولذلك صار إذا أكل مع المري أحدث من الانطلاق ما يدعو إلى العلة المعروفة بالهيضة (4) إلى زلق الأمعاء إذا أحدثها كان ما يأتي معها من التهوع أطول وأدوق. وما يعرض من الاسهال يأتي رويدا رويدا في مرات كثيرة لان الدهنية تعومه وترقيه صعدا وتخرجه بالقئ أكثر.
وأما الزيتون الأحمر المعروف عند ديسقوريدوس بالياقوتي فإن قوته أقرب من قوة الزيتون الأسود الكامل النضج، وغذاؤه قريب من غذائه، إلا أنه أقل رداءة منه لأنه أقل دسما وأكثر قبضا. ولذلك صار فيه بعض التقوية للمعدة. وأما الكيموس المتولد من كل واحد منهما، فإنه مشاكل لما يتولد منه في لونه، أعني أن المتولد عن الزيتون الأحمر أشقر. وقال جالينوس: على لون صفرة البيض المشبعة المائلة إلى الشقرة. وقول لجالينوس آخر قال فيهما: إن الزيتون الحديث الذي يقرب إلى الحمرة يعقل