في الهليون ويسمى بالغرب الاسفزاج الهليون حار رطب في الدرجة الأولى، إلا أنه على ضروب: لان منه البستاني، ومنه البري، ومنه الصخري. فأما البستاني فهو أعدلها وأكثرها لأنه ذا انهضم واستحكم نضجه، كان غذاؤه أكثر من غذاء سائر البقول. ولذلك صار زائدا في المني. وهو مع ذلك موافق للمعدة ومدر للبول.
وأما البري فهو أكثر يبسا وجفافا من البستاني. وأما الصخري فهو أقلها كلها رطوبة. ولذلك صار أقواها جلاء من غير إسخان بين ولا تبريد ظاهر إلا أنه لفرط جلائه، صار مفتحا لسدد الكبد والكلى ومدرا للبول ونافعا من اليرقان العارض ومن سدد الكبد ومحللا لأوجاع الكبد والعارضة من الرطوبة. وأصله إذا طبخ وشرب ماؤه، فعل جميع ما ذكرناه في جرم الهليون. وبزره أيضا يفعل مثل ذلك. وإذا طبخ أصل الهليون وبزره بالشراب وشرب طبيخهما، نفعا من نهش الرتيلاء. وإذا سلق الهليون سلقة حقيقية وأكل، لين البطن ونفع من أوجاع الظهر العارضة من الرياح البلغمانية وحلل أوجاع القولنج بتليينه للبطن. وإذا تمضمض بطبيخه، نفع من وجع الأسنان. وزعم بعض المحدثين أنه زائد في الباه، ولم يذكر ذلك جالينوس ولا ديسقيريدس.
وأنا أقول: إنه، وإن فعل ذلك فإنما يفعله بزيادة في المني لكثرة غذائه، لا لأنه يزيد في الانعاظ، لان الزيادة في الانعاظ يحتاج إلى كثرة الرياح، والهليون معرى من ذلك. والبستاني من الهليون أخص بالزيادة في المني من البري والصخري، لأنه أرطب وأكثر غذاء. وزعم ديسقيريدس أن الكلاب إذا شربت طبيخ الهليون، قتلها. وزعم قوم أن قرون الكباش إذا قطعت وطمرت في طين عذب، أنبتت هليونا بإذن الله.