في الجمار والجفري وثمر النخل أما الجمار (1) فهو على ضربين: لان منه الرخص القريب من قلب النخلة، ومنه الغليظ الخشبي القريب من الأرض. وما كان منه رخصا لينا قريبا (2) من قلب النخلة، كان برده أكثر من يبسه، وكان برده في آخر الدرجة الأولى، ويبسه في وسطها من قبل أنه مركب من جوهر أرضي وجوهر مائي. ولذلك صار بإضافته إلى الغليظ الخشبي أسرع انحدارا وألطف غذاء وإن كان غذاؤه في ذاته يسيرا عسير الانهضام، إلا أنه مسكن لحدة الدم الحريف، قامع للمرة الصفراء حابس للبطن. وما كان منه غليظا خشبيا كان يبسه أكثر من برده، وكان يبسه في الدرجة الثانية، وبرده في الدرجة الأولى من قبل أن الأرضية عليه أغلب كثيرا. ولذلك صار أعسر انهضاما وانحدارا وأغلظ غذاء وأقوى في حبس البطن.
وأما الجفري (2) فقريب من طبيعة الجمار، إلا أنه أشد قبضا لان يبسه في الدرجة الثانية. ولذلك صار أبطأ انحدارا عن المعدة وأكثر حبسا للبطن حتى أن الاكثار منه يورث القولنج، ويحدث وجعا في المعدة. ومن قبل ذلك وجب أن يحتال له بما يلطفه ويعين على سرعة انهضامه مثل استعماله بالدجاج المسمن والجدي الرضيع ويشرب بعده نبيذ عتيق مصرف، أو يشوى أو يسلق، أو يؤكل بالخردل أو بخل مطيب بفلفل كراويا وصعتر وكرفس ونعنع وزيت أنفاق. وأما قشر الجفري فيجفف تجفيفا أكثر من جميع ما وصفنا في الجفري لأنه أشد يبسا وأقل رطوبة بل لا رطوبة فيه أصلا، ولذلك صار إذا أخذ ماؤه وخلط معه شئ من كافور ودهن واستعط به، قطع الزعاف. وإذا خلط بالأدوية المقوية للمعدة والكبد، زاد في فعلها كثيرا. وكذلك يفعل إذا خلط بالضمادات المقوية للمفاصل. ولديسقوريدوس دهن (4) صنعه من قشر الجفري، وهو الطلع، يقوم مقام دهن الورد، وهذه صفته: يؤخذ من قشر الجفري