القول في الحمص هذا الجنس من الحبوب يغذو غذاء كثيرا ويلين البطن ويدر البول والطمث، إلا أنه يولد رياحا ونفخا. ولذلك صار زائدا في المني ومقو (1) للانعاظ. إلا أنه ينقسم قسمة أولية على ضربين: لان منه الأخضر الطري الذي لم يستكمل انعقاده وجفافه على نباته (2). وأما الطري الأخضر، فأنت قادر على أن تميز حاله من حال الباقلي الطري إذا أضفت يابسه إلى يابس من الباقلي، لان إضافة الباقلي الطري إلى اليابس منه، كإضافة الحمص الطري إلى اليابس منه. وأما ما قد تم انعقاده وكمل جفافه على نباته، فيكون على ضربين: لان منه الأبيض، ومنه الأسود. والأبيض منه حار في الدرجة الأولى، رطب في وسطها، كأن رطوبته قريبة من الاعتدال. ولذلك صار غذاؤه أكثر من غذاء الباقلي، وإن كان ليس بالجيد لأنه عسير الانهضام مولد للرياح والنفخ كثيرا، حتى أنه كثيرا ما ينفخ الجوف ويزيد سعة موضعه، ويفعل فيه فعل الخل في الطين اليابس، أو الخمير في العجين. ومن قبل ذلك، صار يحسن لون المدمن عليه، لان اللحم إذا ربا وانتفخ، امتدت البشرة ورقت وصفت في لونها وحسنت. ولهذا أيضا صار معينا على الجماع، زائدا في الانعاظ، من قبل أن الجماع يحتاج في تمامه إلى ثلاثة أشياء هي مجتمعة في الحمص: أحدها: طعام يكون فيه من زيادة الحرارة واعتدالها ما يقوي الحرارة الغريزية وينبه الشهوة للجماع. والثاني: غذاء فيه من كثرة الغذاء ورطوبته ما يرطب البدن ويزيد في المني. والثالث: فيه من الرياح والنفخ ما يملا أوراد القضيب وعروقه وينفخه ويقوي غضبته (3) ويصلبه. وكل ذلك موجود في الحمص لان فيه حرارة معتدلة متوسطة في الدرجة الأولى، ورطوبة زائدة كثيرة الغذاء والترطيب ورياح نافخة قوية معينة على الانعاظ.
ولجالينوس في رياح الحمص قول قال فيه: إن رياح الحمص ونفخه ليس بدون رياح الباقلي ونفخه، غير أن غذاء الحمص أكثر، وجلاؤه أقوى، لان فيه قوة قطاعة ملطفة. ولذلك صار مدرا للبول والطمث منقيا للكبد والطحال والكلى، مفتحا لسددها، مفتتا (3) للحصى، مخرجا (4) للدود وحب القرع من