في بصل الزيز ويسمى البلبوس وأهل أفريقية يعرفونه بالنطف أما بصل الزيز فيكون على ضربين: لان منه نوعا يجلب القئ ونوعا لا يجلب القي. والذي لا يقئ فإنه، وإن كان ألطف كثيرا، فإن فيه مرارة وحرافة وقبضا ليس باليسير. فلقبضه صار مقويا للمعدة، ولمرارته صار غير ضار بمن احتاج إلى أن يقذف من رئته وصدره شيئا، لان جرمه وإن كان غليظا، فإن في قوة مرارته ما يفي بغلظه. وزعم ديسقيريدس أن الأحمر منه أفضل للمعدة لتقويته لها بما فيه من القبض وقلة المرارة، إلا أنه أغلظ وأبعد انهضاما (1). والذي مرارته شبيهة بمرارة العنصلان أقل تقوية للمعدة لقوة مرارته وضعف قبضه إلا أنه ألطف وأعون على الانهضام. وإذا استعمل، أعان على شهوة الطعام وولد نفخا ورياحا وأمغاصا، ولذلك وجب أن يتوقى الاكثار منه، ويقتصر منه على البصلتين أو الثلاث، لان الاكثار منه مذموم جدا لفساد جوهره ورداءته. فإن سلق بالماء مرتين أو ثلاث ورمي ماؤه الذي سلق به حتى تزول عنه مرارته التي بها كان ملطفا، ضعف فعله في تسهيل ما يخرج من الصدر والرئة بالنفث وصار ما ينال البدن من غذائه أكثر وأحمد، غير أن الدم المتولد عنه أغلظ من المعتدل وأكثر لزوجة، ولذلك صار غذاؤه كثيرا زائدا في اللحم لأنه ينفخ اللحم بكثرة رياحه وينفشه. ومن قبل ذلك صار زائدا في الانعاظ ومقويا لشهوة الجماع. والسبب في زيادته في الانعاظ رياحه النافخة للقضيب، وفى تقويته لشهوة الجماع زيادة حرارته وإغزاره المني بكثرة غذائه.
وحكى جالينوس عن قوم امتحنوا ذلك بإلحاحهم عليه فأدركوه حسا، لأنهم كانوا يجدون المني يكثر