في ترتيب الأغذية وتقديم بعضها على بعض أجمع الأوائل على أن ما كان من الأغذية سريع الانحدار سهل النفوذ في العروق، تقدم قبل كل طعام. وما كان منها بطئ الانحدار عسير النفوذ في العروق، يصير آخر الطعام، لان الطعام اللطيف السريع الانهضام إذا أخذ في آخر الطعام وتم هضمه وطلب الانحدار، عاقه الطعام الغليظ الذي تقدمه، ومنعه عن الانحدار. وإذا لم ينحدر بعد انهضامه، بقي طافيا عواما وحمي بحرارة بخار الطعام الغليظ الذي تحته وغلي واستحال وفسد بسرعة. وإذا أخذ قبل الطعام وانهضم، لم يعقه عائق عن الانحدار.
وكذلك، ما كان من الأغذية ملينا للبطن، يقدم قبل الطعام. وما كان حابسا للبطن، يصير آخر الطعام.
وما كان من الأغذية لينا، يقدم قبل الطعام الصلب، لان ما لان من الطعام، كان أسرع انهضاما. فإذا أخذ بعد طعام صلب وانهضم، عاقه الطعام الصلب من الانحدار. وما كان من الأغذية ردئ الجوهر، يقدم قبل الطعام المحمود الجوهر، لان الطعام المذموم الردئ الجوهر إذا أخذ آخر الطعام، أبطأ في المعدة، واستحال بسرعة وفسد، وأفسد بفساده ما تقدمه من الطعام.
وما كان من الطعام ليس بالمحمود الجوهر، إلا أنه برئ من الرطوبة واللزوجة، فليس ينبغي أن يؤخذ قبل الطعام ولا بعده، لكن في وسط الطعام. وكذلك ما لم يكن غذاؤه بالردئ، ولم يكن فيه قوة تجلو ولا تسهل، فليس يجب أن يؤخذ قبل الطعام ولا بعده، لكن في وسطه.
وما كان من الأغذية غير مطلق للبطن ولا حابس له، وإن كان غذاؤه ليس بالردئ، وبخاصة متى كان فيه قوة من جلي، مثل اللوز، فمن الأفضل إذا كان البطن يابسا أن يقدم قبل الطعام، وإذا كان البطن لينا أمكن أن يؤخذ قبل الطعام وبعده.
تم الجزء الأول من كتاب الأغذية تأليف إسحاق بن سليمان الإسرائيلي المنطقي