في الكرنب البري أما الكرنب البري فأكثر ما ينبت في سواحل البحر وفى المواضع العالية، وهو شبيه بالبستاني، إلا أنه أقل خضرة منه وأميل إلى البياض وأكثر زغبا. ومزاجه أحر وأيبس من البستاني لان سائر البقول البرية أقوى في هاتين الكيفيتين لا محالة. ولذلك صار إذا أكل أو شرب، لم يسلم آكله من أذيته لكثرة بعده من مزاج بدن الانسان. ويدل على ذلك كثرة مرارته وحرافته، لان الكرنب البستاني وإن كان فيه مرارة وحرافة، فإن ذلك في البري أشد وأقوى. ولذلك صار جلاؤه وتحليله أكثر. وإذا شرب، كان فعله في قتل الديدان التي في البدن أسرع. فإن طبخت قلوبه بماء الرمان الحامض، لم تكن رديئة الطعم. وإن عمل من ورقه ضماد، حلل الأورام البلغمانية.
في الكرنب البحري وأما الكرنب البحري فبعيد الشبه من الكرنب البستاني وله ورق شبيه بورق الزراوند المدحرج.
وأصل ورقه الذي به متصل الورق بالقضبان، أحمر، وله لبن ليس بالكثير وطعمه مائل إلى الملوحة مع يسير من مرارة. وإذا أكل، أسهل البطن وفعل في قتل الدود وحب القرع أكثر من فعل الكرنب البستاني.