في الكرنب الكرنب في جملته حار يابس في الدرجة الأولى، يولد دما عكرا سوداويا كريه الرائحة جدا، إلا أنه على ضربين: لان منه الكرنب النبطي الشبيه بالسلق الصغير القلوب جدا، وهو الكرنب على الحقيقة.
ومنه البستاني المعروف بالقنبيط، وأهل مصر يسمونه الاسفراخ وله قلوب عظام كثيرة البزر ثابتة في وسط الورق.
فأما الكرنب الحقيقي فهو ثلاثة (1) ضروب: لان منه البستاني، ومنه البري، ومنه البحري.
والبستاني أيضا على ضربين: لان منه الشتوي، ومنه الصيفي. والصيفي أخص بإحراق الدم وتوليد المرة الصفراء المحترقة القريبة من السوداء، لأنه أشد حرافة وحدة. ولذلك صار أكثر جلاء وتنقية وأخص بالنفع في البرص والنملة إذا طلي عليها. وما الشتوي فغير ظاهر الحدة والحرافة إلا أن في مائيته قوة تبلغ بها إلى إطلاق البطن ودرور البول. وأما جرمه فالتجفيف عليه أغلب. ولذلك صار حابسا للبطن. ولهذه الجهة صار إذا سلق ورمي ماؤه وطبخ بماء ثان، كان حابسا للبطن، ولا (2) سيما إذا طجن بعد سلقه.
وإذا شرب ماؤه الذي سلق به، أطلق البطن. وإن أردت أن تصير الجرم ملينا، فأعد ذلك إلى جانب القدر الذي تسلقه فيها مري وزيت. فإذا سلقته، فاستلبه من مائه الذي سلقته فيه قبل أن يتهرأ وألقه في المري والزيت بحرارته التي خرج بها من القدر واستعمله. فإن أردته أن يحبس البطن فاسلقه سلقا معتدلا، وصب عنه ماءه الذي سلقته به والق عليه ماء ثانيا حارا (3) يغلي واسلقه به ثانية حتى يتهرأ. فإن أردت أن تقل غائلة الكرنب، فاطبخه بعد أن تلقي عنه ماءه الذي سلقته به بدجاج سمين أو بلحم حمل حولي مجزع (4) من حيوان سمين وطيبه بالجوز والكزبرة والفلفل والكمون والثوم. وما كان من قضبان الكرنب نابتا بالقرب من الأصل، كان أدر للبول وأحمد للمعدة.