في النعنع أما النعنع فثلاثة (1) ضروب: لان منه ضرب يعرف بالنعنع على الحقيقة يزرع في البساتين، وضرب يعرف بسيسنبر، وضرب يعرف بالنمام، وأهل المغرب يسمونه المينتة. فأما النعنع على الحقيقة فهو ألطف وأقل حرارة من الفوتنج (2) النهري، لان حرارة الفوتنج ويبسه في الدرجة الثانية، لان له قوة قابضة مع رائحة عطرية ذكية. ولذلك صار مقويا للمعدة ومطيبا لها يعين على قوة الهضم، مسكنا للغثي العارض من الرطوبة. وإذا شرب ورقه مع ماء النمام، نفع من الفواق (3) العارض من البرد. وإذا شرب مع ماء الرمان المز وحماض الأترج، نفع من الفواق الصفراوي وسكن الغثي والهيضة. وإذا أخذ ماؤه الطري وماء قضبان قلوب الكرم ومرس فيهما شئ من خمير حامض وصفي وجعل فيه شئ من سك (4) وقليل سكر مسحوق وشرب، فعل مثل ذلك أيضا وإذا دلك بورقه اللسان، لين خشونته. وإذا عمل منه ضماد، نفع من عضة الكلب الكلب. وإذا مسح ماؤه على الجبين والأصداغ، نفع من الصداع العارض من البرد والرياح البلغمانية. وإذا حمل منه على الثدي الوارم من لبن تعقد فيه، أذاب اللبن وحلل الورم. وإذا وضع منه طاقات (5) في اللبن الحليب، منعه أن يتجبن. وإذا تحملته المرأة من وقت الجماع، أذاب النطفة ومنع الحبل، وإن كان في ذاته إذا أكل، قوى آلات الجماع بعطريته وذكاء رائحته وزاد في المني برطوبته الفضلية المكتسبة من الماء. وقد يكون في النعنع نوع آخر بري أعظم نباتا من السيسنبر قليلا على ورقه زغب وفى رائحته زهومة. ولذلك صار أقل صلاحا في حال الصحة من البستاني. وزعم قوم أن السيسنبر هو النمام البري.
(٣٨٢)