في الخس البري المعروف بالمروية أما الخس البري فهو في شكله وصورته شبيه بالخس الريفي إلا أن ساقه أكبر وورقه أرق وأخشن وخضرته أقل لقلة رطوبته بالطبع. ويدل على ذلك كثرة مرارته ويبس عفوصته. ولذلك انحرفت برودته عن برودة الخس البستاني إلى الحرارة قليلا، وصار كأنه متوسط بين الدرجة الأولى من البرودة والدرجة الأولى من الحرارة، وصارت منافعه كمنافع الغافت (1). وأما لبنه فإن فيه شبها يسيرا من قوة لبن الخشخاش الأسود، إلا أنه أضعف فعلا منه كثيرا لانحرافه عن البرودة قليلا، ولما بينهما من الاشتباه في الرائحة واللون واليسير من القوة، صار من الناس من يغش لبن الخشخاش الأسود به.
ولديسقيريدس في لبن الخس البري قول قال فيه: إنه إذا شرب منه وزن نصف درهم بماء الخس الريفي الممزوج بالخل، أسهل كيموسا نيا. وإذا ديف بلبن أم جارية وقطر في العين، نفع من القروح العارضة فيها.
قال إسحاق: قد يمكن أن يفعل لبن هذا الخشخاش مثل هذا متى كان الفضل سليما من الحرارة والحدة بعد أن تكون المادة قد أخذت في النقصان وقاربت الفناء. وأما متى كان في الفضل شئ من الحدة وكانت المادة بعد في الزيادة والصعود، فإن الخس من أضر الأشياء بها، لأنه يحقن البخارات ويمنع من تحليلها. وإذا ازدحمت البخارات في باطن العين وحميت هناك، أحرقت الحجاب العيني وأحرقت الحجاب القرني ضرورة. ومن خاصة لبن الخس البري أنه إذا شرب، جلب النوم ونفع من لسع العقارب والرتيلاء. وقد يقال أنه يدر الطمث بمرارته اليسيرة وتفتيحه، إلا أن ذلك ليس بوثيق فيه لاخدار الحس.
وأما بزر الخس البري فيفعل في إفساد المني وقطع الاحتلام والمنع من شهوة الجماع ما يفعله بزر الخس البستاني. وماؤه يفعل مثل ذلك أيضا إلا أن فعله أضعف.