وانحدارا كأنه في سرعة انهضامه وانحداره متوسط بين سرعة انهضام الفاكهة الرطبة، وبين انهضام الحبوب الكاملة الجفاف وأقرب إلى سرعة انهضام الفاكهة قليلا، ذلك لما فيه من بقايا رطوبة الماء.
ولذلك صار مولدا للفضول الكثيرة في المعدة والمعاء عسير الانحلال من المعدة مهيجا للنفخ والقراقر، ولا سيما متى بعد انهضامه وبعد انحلاله. والاكثار منه مولد للدود وحب القرع الحيات الطوال. وإن تم استمراؤه في المعدة جيدا لم يفد الأعضاء قوة حسنة، ولم يولد دما فاضلا، لكنه يولد دما بلغمانيا لزجا.
فأما ما كان من الثمر قد كمل جفافه وصلابته فإنه أفضل وأحمد كثيرا، لان الطبيعة قد كفت مؤونة التعب في إصلاحه وهو بعد على نباته فأكملت نضجه وجفافه وأزالت رطوبته وغلظه. ولذلك صار أسرع استحالة إلى الدم وأقرب إلى التشبه بالأعضاء وإن كانت الرياح غير مواتية (1) له بالطبع إلا أن تزال عنه بالصنعة والعمل، إما بإحكام عجن ما يعجن وتخميره وخبزه، أو بسلق ما يحتاج إلى أن يسلق منه أو بشيه. وسنبين ذلك بيانا شافيا في موضعه الأخص به في الباب التاسع عشر إن شاء الله تعالى بتوفيقه وتيسيره.