في الزنجبيل أما الزنجبيل فهو أصل نبات ينبت في بلاد الهند <ويجلب> إلينا. والذي ينتفع به من هذا النبات أصله فقط، وإسخانه في الدرجة الثالثة. وفيه أيضا رطوبة فضلية غير منهضمة. ولذلك صار لا يظهر تأثيره في الحاسة مع الحاسة المباشرة لغلظ رطوبته المانعة له من النفوذ في المسام بسرعة. وقد يدل على ذلك ما بيناه في الدارفلفل من سرعة تآكله وقبوله السوس. وقد بينا أن التآكل والسوس لا يعرضان في ما كانت (١) رطوبته طبيعية مشاكلة لجوهرية الشئ الذي (٢) بقي فيه، ولما كان يبسه خالصا محضا، بل إنما يعرضان لما كانت رطوبته فضلية خارجة عن الطباع قابلة للتعفن والفساد. ولذلك صار من الناس من يتخذ الزنجبيل بالملح والماء أو بالعسل ويخزنه ليبقى على كيانه زمانا طويلا.
فقد بان مما قدمنا إيضاحه أن في الزنجبيل رطوبة فضلية غير نضيجة مخالفة لطباعه وجوهريته.
ولذلك لم يكن خروج ما فيه من القوة إلى الفعل مع المباشرة أيضا بسرعة على ما بينا من تأثير النار في الحطب اليابس والحطب الرطب بسرعة استعمالها في الحطب اليابس وقلة بقائها فيه، لتلاشي الحطب اليابس بسرعة لجفافه وعدمه الرطوبة، وبعد اشتعالها في الحطب الرطب وطول لبثها فيه لمقاومته لها وصبره عليها بفضل رطوبته. ومن قبل ذلك صار فعل الزنجبيل والدارفلفل ومنفعتهما مخالفة لفعل الفلفل ومنفعته، من قبل أن الفلفل يسخن مع المباشرة وينفذ فعله في البدن كله دفعة. والزنجبيل والدارفلفل يسخنان رويدا رويدا بإبطاء ويفعلان في بعض الأعضاء دون بعض، لان فعلهما لا ينفذ في البدن كله دفعة.
ولذلك صرنا متى أردنا أن نسخن البدن كله بسرعة، استعملنا <ما> يفعل مع المباشرة وينفذ فعله في البدن كله دفعة مثل الفلفل الأسود والفلفل الأبيض. ومتى أردنا أن نسخن بعض الأعضاء دون