فاحت لها رائحة عطرية طيبة. فإذا شربت، منعت من سيلان الرطوبة إلى المعدة والمعاء.
وأما الجوز البري فقوة ورده حارة في الدرجة الثالثة. وأما التجفيف والترطيب فبعدهما منه عن الدرجة المعتدلة بعد يسير وهو إلى اليبس أميل قليلا. ولذلك صارت اللطافة أولى به من الغلظ. وأما ورق هذه الشجرة فيفعل كما يفعله زهرها، إلا أن الزهر أضعف وأوهن. وأما صمغها، فزعم جالينوس أنه الكارباء وهو أسخن من الزهر وأقوى فعلا. وأما بزرها فهو ألطف من صمغها وأكثر تجفيفا. وهو في هذا الباب أكثر من زهرها، إلا أنه ليس بكثير الحرارة.
* * * في البندق وأما البندق فهو أبرد من الجوز وأكثر قبضا، لان جوهره جوهر أرضى بارد. ولذلك صار جرمه كثيفا مكتنزا ملززا قليل الدهن جدا. ولهذا صار غذاؤه أكثر من غذاء الجوز وأبقى في الأعضاء، لأنه بعيد الانحلال والانهضام. ومن قبل ذلك صار أضر بالمعدة وأكثر توليدا للنفخ والقراقر من الجوز. وأكثر نفخه يكون في أسفل الجوف وبخاصة إذا أخذ بقشره الداخل لان في قشره الداخل قبض قوي يعقل البطن. وإذا قشر من قشره الباطن، كان أسرع انهضاما وانحدارا ولم يكن بالمذموم لصاحب السعال، لكن يكون محمودا نافعا من السعال المزمن إذا سحق وشرب بماء وعسل. وإذا قلي وأكل مع شئ من فلفل، أنضج النوازل الرطبة. وإذا أكل قبل الطعام مع شئ من سذاب لم تضر آكله الأدوية القتالة.
وإذا تقشر وخلط بشحم عتيق أو شحم دب ولطخ على داء الثعلب، أنبت الشعر فيه.
وزعم ديسقوريدوس عن قوم كانوا يقولون أن البندق المحرق إذا سحق وعجن بزيت وطلي منه رؤوس الصبيان، سود شعورهم. وإذا اكتحل به، سود الحدقة (١). ووجدنا في نسخة أخرى أنه إذا طلي به يافوخات الصبيان، سود حدقتهم (٢) * * * وأما الجوز الهندي المعروف بالرانج، فإنه حار في وسط الدرجة الثانية، رطب في وسط الأولى.
ويستدل على رطوبته من سرعة عفونته وكثرة دهنيته. ولذلك صار بطئ الانهضام ثقيلا في المعدة مفسدا لها، إلا أنه ينقسم ثلاثة أقسام: لان منه ما هو حديث أبيض عذب قليل الدهنية والدسومة. وأردأها وأضرها وأفسدها للمعدة ما كان عتيقا قد فنيت رطوبته وعذوبته، وصار جوهره دسما كله. وما كان متوسطا بين ذلك، كان حاله أيضا كذلك. ومما يدفع إضراره بالمعدة ويعين على إحداره، ألا يستعمل إلا ما كان حديثا بعد أن يقشر من قشره الأحمر الداخل <و> من قشره الاعلى الخشبي ويؤكل على